الحنين إلى الوطن

ذكريات فاحت بريا الجنان

فسبت خاطري وهزت جناني

عمر في دقيقة مستعاد

ودهور مطلة من ثواني

فكأن الماضي تأخر في النفـ

ـس أو استرجعت صداه الأماني

ما وجدنا وراءها غير غابا

تِ وحوشٍ من الدماء قواني

لم تهوّم للنوم عين ولم ته

دأ لنا مهجة من الخفقانِ

ما يهب النسيم إلا وجدنا

طيهُ زفرة من الأوطانِ

تحمل الطل للرياض و تذكي

في الحشا لفحة من النيرانِ

آه ويح الغريب ماذا يقاسي

من عذاب النوى وماذا يعاني

كُشفت لي في غربتي سوءة الدنـ

ـيا ولاحت هناتها لعِياني

كلما نلت لذة أنذرتني

فتلفت خيفة من زماني

وإذا رمت بسمة لاح مرآي

وطني فاستفزني ونهاني

ليس في الأرض للغريب سوى الدمـ

ـع ولا في السماء غير الأماني

حطميني يا ريح ثم انثري أشـ

ـلاء روحى في جو تلك الجنانِ

وزّعيني في كل حقل على الأزها

ر بين القدود والأغصانِ

زفراتي طوفي سماء بلادي

وانهلي من شعاعها الريانِ

أطفئي لوعتي بها واغمسي رو

حي فيها وبرّدي ألحاني

وصِلي جيرتي وأهلي وأحبا

بي وقصي عليهمو ما دهاني

وانثري في ثراهمو قبلاتي

واملأي رحب أفقهم من جناني

وسليهم ما تصنع الروضة الغَّنا

وأدواحها الطوال الدواني

هل رثاني هزارها هل بكاني

ورقها هل شجاه ما قد شجاني

ليت للروض مهجة فلعل الدهـ

ـر يبكيه مثل ما أبكاني

طاردتني البلاد تستنبط الخا

لص من منطقي ومن وجداني

ورمت بي كي تستريح لآها

تي وألحاني العذاب الحسانِ

ليس تهوى مني سوى الصوت يشجي

ها وإن كان فيه هدم كياني

يُقتني العود غالياً ثم لا ير

جى انتفاع منه بغير الدخانِ

فلئن لم أعد إليها فقد خلّد

ت في سمعها شجيَّ الأغاني

وطني أنت نفحة الله ما تبـ

ـرح لا عن قلبي ولا عن لساني

صنع الله منك طينة قلبي

وبرى من شذاك روح بياني

هاك ما قد طهرته لك في دم

عي وما قد صهرته في جَناني

شعلة القلب لو أُذيعت لقالوا :

مرّ عبر الأثير نصل يماني