أبي في ذمة الغياب

سألتُ النَّاسَ، والموتى أجابوا:

مُحالٌ ما لمِنْ ذَهبوا إيابُ

كمَا نَبْلٍ رمَتْها القوسُ غَدْرًا

فما آبتْ، وما فاءَ المصابُ!

نُعاقرُ في رِوَىً كأسَ المنايا

ويقتلُنا على ظمأٍ سَرابُ

أبي في قبضة الدنيا تداعى

نَحيلَ الجسمِ تُثقِلهُ الثِّيابُ

وجاؤوا يَحْمِلونَ النَّعشَ فَرْدًا

تُشيِّعـهُ المـآذنُ والقِبـابُ

توارَى في الثَّرى وأدارَ ظَهْرًا

إلى دُنيا بها القُرْبُ اغترابُ

مَضى، لا شيءَ في يُسراهُ يُرجى

وفي يمناهُ يبتسمُ الكتابُ

وقفتُ بقبرهِ أنْعي وأبكي

على وجهٍ تغمَّدهُ الترابُ

ولولا أنَّ دمْعًا فاضَ منِّي

لصاحَ القبرُ: أمْطَرني السَّحابُ

فَقلتُ: الآنَ تعذِرُني وننْسى

بأنَّ الموتَ يكملهُ الغيابُ