الأعمى

أنا الأعمَى الذي كُسِرَتْ عَصاهُ

بلا ذَنبٍ، وَما تابَت خُطاهُ

أتيتُ كريمَ كفٍّ ذاتَ فقرٍ

فألقَى للطريقِ حَصَى قِراهُ

رجعتُ وقلبيَ الخـالي يتيمٌ

فمن يكُ حانيًا، ويكن أباهُ؟

غَريبًا في زِحامِ العُمْرِ أمشي

عَسى حَظّي يُصادِفُني عَساهُ

كتبتُ الحبَّ فوقَ الرَّملِ سِرًّا

وَدلَّالُ الهَوى جهْرًا مَحاهُ

وشَى بي مثلَ مرآةٍ تَجلّتْ

على فَمِهَا المَلامحُ والجِباهُ

أنا ضدّانِ في جَسَدٍ وروحٍ

قميصيَ قُدَّ، وانفَرطَت عُراهُ

أنادي وجهَ ظلّي في المرايا

وصوتي في المَدى يبكي صَداهُ

وبي قلقٌ يساورُني بليلٍ

بريءِ العَتْمِ تفضَحُني رُؤاهُ

كفـاني أنّـني مـاءٌ، وأفْـنَى

إذا جَفَّ الهَوى في مُنتَهاهُ

هَرمْتُ وطارَ عن رأسيْ غُرابٌ

له في البَيْنِ ما كانَ اشتَهاهُ

لَحقْتُ بهِ صغيرًا، غير أنّي

على كِبَرٍ طَواني ما طَواهُ

وَما ألفيتُ مثلَ الشَّيْبِ شيئًا

يَغـارُ على الفتَى إلا صِباهُ

كأنّي دونَ خلق الله أحْيا

بلا وطنٍ، ويقتلُني سِواهُ