الرحلات القصية

لكل نديم يؤرق

والقلب مل نديمه

كأني عشق تذوق طعم الهزيمة

دخلت وراء السياج

فآه من الذل في نفحة الياسمين

ذكي ويعرف كل الدروب القديمة

وآه من العمر بين الفنادق

لا يستريح

أرحني قليلا فإني بدهري جريح

لكم نضج العنب المتأخر

وانفرطت بعض حباته

كن يدا أيها الحزن

وأقطف

ولا تك ريح

رمتني الرياح بعيدا عن النهر

فاكتشفت بذرتي نهرها

غطت الدرب

والفتية المنتمين إلى اللعب

والخطر البرتقالي في حدقات الزقاق

وتدخل غرفة نومي

وهذي رسومي….وهذا صباي الحزين

وتلك مراهقتي في شبابيكها…ولهاث السفرجل

والشوق قد كبر الشوق عشرين عام

وصار اشتياق

وما من دموع أداوي بها

حاضرات الهموم الجليلة

إلا قميصي..وقلبي..وكلمة حزن

نساها الرفاق

تفتح حزن كثير غداة افترقنا

ولست على أحد نادم

غير قلبي

فقد عاش حبا معاق

أحلق وحدي بطائرة

كل ركابها نزلوا في مطار غريب

وأغطس في البرد

لا طاقما…لا مضيفة..لا مطارات حب سأنزل فيها….

ولا بلدا عربيا

يكون تبرأ مني الزمان الحبيب

لكم كان يكفي قليل من الورق الناعم البالي

أصنع طائرتي وأهيم بها في الطفولة

والناس مثل الطفولة صحو

يغني به عندليب

وتلك النوايا الصغيرة جدا

تمر البساتين فيها وتبني قناطرها

والكلاب الصغيرة تركض في ثوبها الليلكي

وراء نحاس المغيب

وبستان نون على شفتي…مراهقة قبلتني

لأني طفل ولا أفهم الرحلات القصية

ما زلت طفلا تهجأت

أو يتهجأ قلبي طيب

وأتقنت أقرأ مثل الكفيف

بهذي الأصابع…خصرا وكسراته

فإذا ضمني مثله لم أعد معربا

بل بناء رهيب

لقد ختموني الحروف الى النون

ثم اكتفوا

فبقيت رضيعا

وعيني على الواو والياء أيتها الأحرف العربية

فالهاء حرف عجيب

وأمد الخيوط وطائرتي تسمع النبض

عبر خيوطي

وفي اللازورد السماوي في طرب تستجيب

وقد يعلق الخيط بمدخنة لرفيق قديم

فيجفل من رقة الخيط

هذا زمان دنيء كئيب

وأخجل أسحب خيطي الوفي

أراه لقد فحص الخيط حد الهزيمة

كفى.. تنفخين رمادي

تقصدت أن أحرق القلب مستعجلا

أصفات الحريق السريع ذميمة…؟

لذاك احترقت

وأعطيت ما يعجز النور عنه

فإني على النور بعض النميمة

لكم كنت كالورق الناعم البالي حد الجريمة

لقد خربش الحب أمسي

وقد خرجت خربشة الهوى لغدي

والتقت عند تلك المصاطب

والسرو والحانة المستديمة

هنالك مصطبة في (النواصي)

يطمرها القش والليل

كنت أحب عليها..وأنسى عليها وأربط طيارتي والسياسة..

والعشق

و اقتلعتها الدهور الأثيمة أعيد المصاطب قاطبة بيدي

إذا انتصر النهر والناس

أدهنها غير مصطبتي

سوف أتركها مثل ما هي كانت قديمة

كما وسختها العصافير

والنسناسات التي يترك العشق….والسكر…والصيف…

قبل نهايته

والقوارب بيضاء في آخر النهر

في مسحة من ضباب رحيمة

وأغفوا عليها

وزران قد قطعا من قميصي

ليخرج قلبي متى ما أراد

الى دجلة يتبرد ثم يعود

يمارس نفس الهوى الخطيئة

بل والجريمة

وأغسل عني الذي زور الملحقون بكل الدوائر

إذ وجدوا القلب دائرتي وحده

وبه أتحدى ومنه العزيمة

وأقرأ ثانية بالأصابع خصرا تعشقته

والقراءة تأتي وإن كثر الكسر والتأتآت سليمة