شعشع الخمر وهات

شَعشِعِ الخَمرَ وهاتِ

الكأسَ من نارٍ ونور

علَّني أعلَمُ بعضَ

العِلمِ ما مَعنى السُرور

يا ندِيمي وانسَ ما

كان وما سوفَ يَصِير

ودَعِ العَتبَ على الدَهرِ

فلا تَدري الدُهور

قُم بنا نطلُبُ لَهواً

غيرَ عُودٍ وزُمُور

نَتَأمل مَسرَحَ الدُنيا

بِطَرفٍ لا يَحُور

تُبصِرُ الناسَ عليه

كألاعِيبٍ تَدور

كلُّهُم يَلعَبُ دَوراً

غيرَ ما يَخفِي الضَمير

إِنَّ ما لاحَ هو غيرُ

الذي خَلفَ السُتور

يا نديمي إِنَّ بعضَ الناس

إِن جُستَ الأمور

عالِمٌ يَبحَثُ طُولَ

العُمرِ ما بينَ السُطور

جامعٌ في صَدرِهِ ما

ليسَ تَحويه الصُدور

ما تُراه حازَ من

فَهمِ الأحاجي والجُذور

آه هل يَحترِمُ الأعلامَ

دُودٌ في القُبور

دَعكَ منه واقلِبِ

الصَفحةَ في سِفرِ الدُهور

يا نديمي إِنَّ بعضَ الناسِ

إِن جُستَ الأمور

ذو ثَراءٍ يَحسِبُ المالَ

غِنىً وَهو غُرور

يَملِكُ المالَ ولكن

هو للمالِ أجِير

دَعكَ منه واقلِبِ

الصَفحةَ في سِفرِ الدُهور

يا نديمي إِنَّ بعض الناسِ

إِن جُستَ الأمور

تاجرٌ يطلُبُ رِبحا

من بِضاعاتٍ ودُور

يَضرِبُ الخَمسَ بسُدسٍ

وصحيحاً بكُسور

يَسهَدُ الليلَ لِخَوفٍ

مِن مَتاعٍ أَن يَبُور

ثُم يَنسى المَتجرَ الأسمى

لدى حَسبِ الأجور

دَعكَ منه واقلِبِ

الصَفحةَ في سِفرِ الدُهور

يا نديمي إِن بعضَ الناس

إِن جُستَ الأمور

عاشقٌ يرقُبُ في

الظَلماءِ أنوارَ الخُدور

همُّهُ أن يتَلهَّى

بِنحُورٍ وثُغور

يقبلُ النفسَ على

مرأى قُدودٍ وخُصور

ما تُراه يَرتجي من

وَصلِ غاداتٍ وحُور

واذا ما شَبِعَ الجِسمُ

وأضناهُ الفُتور

أنزِلَ الحُبُّ عن العَرشِ

إلى سُوقِ الفُجور

دَعكَ منه واقلِبِ

الصَفحةَ في سِفرِ الدُهور

يا نديمي إِنَّ بعضَ الناسِ

إِن جُستَ الأمور

شاعرٌ مهنتهُ صَوغُ

القَوافي من شُعور

يَعشَقُ الحُسنَ وَيبني

في عُلى الجَوِّ القُصور

يَمتطي الشمسَ وَيَسعى

فوقَ هامات البُدور

وهوَ في الأرضِ يَجُرُّ

الرِجلَ تُدميها الصُخور

يأمُرُ الدَهرَ وَيَنهاهُ

بِبُهتانٍ وزُور

دَعكَ منه واقلِبِ

الصَفحةَ في سِفرِ الدُهور

يا نديمي إِنني أُبصِرُ

هل أنتَ بَصِير

ولَعَمري قد يَرى

السكرانُ ما يُخفي الضَمير

إِنَّ كلَّ الناس أشباهٌ

إذا زِحتَ السُتور

ليسَ في الدُنيا غنيّ

ليسَ في الدنيا فَقِير

لا عليمٌ لا جَهولٌ

لا عظِيمٌ لا حقِير

كلُّها حالاتُ وقتٍ

كَغبوقٍ وبُكور

كلُّها تَمثيلُ أدوارِ

على مَلهى العُصور

فالغِنى والفَقرُ إِن

كنتَ غَنياً في الشُعور

والنُهى والجَهلُ إِن

كنتَ عليماً في الصُدور

يا نديمي نحنُ مثل الناس

إِن جُستَ الأمور

كلُّنا أسرى حياةٍ

أذهلتنا عن نُشور

نُضرِمُ النارَ ولا

نَعلَمُ ما تَحوي القُدور

فاعطني الكأسَ وهاتِ

الخَمرَ من نارٍ ونُور

ثم أيقظني فإِن لم

أَصحُ من سُكرِ الغُرور

دَعكَ مني واقلِبِ

الصَفحةَ في سِفرِ الدُهور