أعرفت رسم الدار أم لم تعرف

أعَرَفتَ رَسمَ الدارِ أم لم تَعرِفِ

بينَ العَقيقِ وبينَ دارَةِ رَفْرَفِ

دارٌ عَهِدناها مَراتعَ للظِّبا

فغَدَتْ مَسارحَ للضواري الخُطَّفِ

خَطَّتْ صَفائِحَها الرِّياحُ فنَقَّطت

أيدي السَحائبِ غُفْلَ تلكَ الأحرُفِ

فترَى الرُسومَ تَلوحُ حولَ خُطوطِها

مِثلَ الجَداولِ حولَ خَطِّ المُصحَفِ

ولقد وَقَفتُ على المَنازلِ وَقفةً

نَصَبَتْ لِعَيني هَوَلَ يومِ المَوقِفِ

نادَيتُها كالمُستجيرِ وإنَّما

ماذا يفُيدُ نِداءُ قاعٍ صَفصَفِ

يا أيُّها الرَّكبُ الذينَ تَحَمَّلوا

هل كانَ يُثقِلُكم فُؤادُ المُدنَفِ

تَبِعَ الرِّكابَ فما استَطاعَ لحاقَها

وبَغَى الرُّجوعَ فلم يجِدْ منْ مَصْرِفِ

خَلَتِ الدِّيارُ فلا كَرامةَ عِندَها

تُرجَى ولا ابنُ كَرَامةٍ للمُعتَفي

هَيهاتِ إنَّ ابنَ الكَرامةِ حَلَّ في

دارِ الخِلافةِ بالمَقامِ الأشرَفِ

سُبحانَ ذي العَرشِ المَجيدِ فقد بَدَتْ

في شَخصِ إبراهيمَ صورةُ يُوسُفِ

أَصلَى بنارِ فِراقِهِ قلبي ولا

بَرْدٌ هُناكَ ولا سَلامَ فتَنطفِي

ذاك الكريمُ ابنُ الكِرامِ ومَنْ لهُ الذْ

ذِكرُ الشَهيرُ ومنْ لهُ اللُطفُ الخَفِي

وَرِثَ الكَرامةَ عن أبيهِ وجَدِّهِ

لكنَّهُ بتَليدِها لا يكتفِي

شهدَتْ له الأتراكُ بالفضلِ الذي

شهدَتْ به الأعرابُ دون تكلُّفِ

قد نالَ ما هُوَ أهلُ ما هُوَ فَوقَهُ

فانظُرْ لأيِّهِما الهَناءُ وأنصِفِ

سِمَةٌ تليقُ بهِ فنِعمَ المُصطَفى

منَّ الكريمُ بها فنِعمَ المُصطَفِي

يا راحلاً لو تَستطِيعُ دِيارُهُ

رَحَلَتْ إليهِ بحيثُ لم تَتَوقَّفِ

إن كُنتَ أنتَ صَرَفْتَ وَجهَكَ نائياً

عَنّا فذِكرُكَ عِندَنا لم يُصرفِ

منّي إليك رِسالةٌ في طَيِّها

شَوقُ الشَّجِي وتَحيَّةُ الخِلِّ الوَفِي

أشحَنتُها كالفلكِ في فُلكٍ على

بحرٍ إلى بحرٍ لذيذِ المَرشَفِ

عَلِمَتْ بأنَّ القلبَ نحوَكَ قد مَضَى

فسعَتْ على آثارِهِ كالمُقتَفِي