سلام وما يغني السلام على البعد

سَلامٌ وما يُغني السلامُ على البعدِ

ولكنَّهُ أولى بتذكرِةِ العَهْدِ

سَلامٌ على من لا أرَى غير كُتْبهِ

فألهُو بذاكَ الرَّسم والرَّسمُ لا يُجدي

حبيبٌ طَوَى بُعْدُ المَسافةِ وَصلَهُ

فكانَ غريمي شُقَّةَ الغَورِ والنجدِ

ولا خيرَ في قُربِ الدِّيارِ مع القِلَى

ولا بأسَ من بُعدِ الدِّيارِ مع الوُدِّ

لهُ اللهُ ما أبقى الوِدادَ بقلبِهِ

على حِين يُمحَى النقشُ في الحَجَرِ الصَلْدِ

تَمُرُّ صُروفُ الدَّهر والسُّخطُ والنَّوَى

عليهِ ولكن لا تُعيدُ ولا تُبدي

صديقٌ صَدُوقٌ كلمَّا قُلتُ قد سلا

لبُعدٍ رأيتُ البُعدَ قد زَاد في الوجدِ

عَرَفتُ قُصوري عنهُ في كلِّ مَنهَجٍ

فَلستُ أُباري فضلَهُ بِسوى الحمدِ

تُعَلِّلُنا الآمالُ يوماً إلى غدٍ

بوَعدٍ ويا ويلَ الوَفاءِ من الوعدِ

وهيهات ما وَعدُ الحيَاةِ بقائمٍ

تُجاهَ المنايا وَهْيَ فاسخةُ العَقْدِ

طلبنا التَّداني فابَتعدْتَ فليتَنا

طلبنا النَّوَى يا مَن يُقابِلُ بالضِدِّ

وكم واجدٍ ما لم يكن طالباً لهُ

وكم طالبٍ ما ليسَ يُدرِكُ بالجَهدِ

يبيتُ فُؤادي أيُّها النَّاسُ عندَ من

يَبيتُ إذا جَنَّ الدُجَى طَيفُهُ عِندي

قُصارى اللِقا منهُ الزِّيارةُ في الكَرَى

فتُشفِقُ عيني أن تعودَ إلى السُهدِ

أهيمُ إلى مَن لا أراهُ صَبَابةً

كما اشتاقَ ظمآنٌ إلى نازحِ الوِرْدِ

إذا نَفَحَتْني نَسْمةٌ من ديارِهِ

تَعلَّلتُ منها بالسَّلامِ وبالبَرْدِ

ألا يا بعيدَ الدَّارِ لو أنَّ دارَنا

دَنَت مثلَ قلبَينا لَبِتْنا على مَهْدِ

لَئن مَنَعَتْ غُبْرُ السباسبِ وَفدنا

فما مَنَعَتْ ريحَ الجَنُوبِ من الوَفْدِ