طال النوى وتوالى الدهر والأمد

طالَ النَّوى وتَوالَى الدَّهرُ والأمَدُ

بعدَ الفراقِ وقلَّ الصَّبرُ والجَلَدُ

والصّبرُ لو أنَّهُ في ذاتهِ عَسَلٌ

لصارَ كالصبرِ مِمَّا طالتِ المُدَدُ

تَعَمَّدَ الدَّهرُ لي سُوءاً بُلِيتُ بهِ

والدَّهرُ ليسَ بناجٍ عِندَهُ أحَدُ

قد كان لي جَسَدٌ قبلاً أعيشُ بهِ

واليومَ قد صار نصفاً ذلِكَ الجَسَدُ

والحمدُ للهِ شكوَى الجسمِ هيِّنهٌ

ما دامَ يَسلَمُ منَّا العقلُ والرَّشدُ

فليس يَجزَعُ من في كفِّهِ شَلَلٌ

وليس يَجزَعُ من في عينهِ رَمَدُ

لنا بذي الأرضِ أيَّامٌ تَمرُّ بنا

أحداثُها كبريدِ الخيلِ تَطَّرِدُ

وكلُّ أمرٍ لهُ في دهرنا أجَلٌ

فلا يدومُ بهِ صفوٌ ولا كَمَدُ

حُلْمٌ تَروَّعَ تحتَ اللَّيلِ ناظِرُهُ

فزالَ عندَ انجلاءِ الصُّبحِ ما يَجِدُ

من ليسَ يَملِكُ في دفعِ البَلاءِ يداً

فما لهُ سِوَى الصَّبرِ الجميلِ يَدُ