قد عاهد الدهر أهليه فما غدرا

قد عاهَدَ الدهرُ أهليهِ فما غَدَرا

أنْ لا يُديمَ لَهُم صَفْواً ولا كَدَرا

دَهرٌ يُقلِّبُ أحوالَ العِبادِ ومَن

رأى تَقلُّبَهُ في نفسِهِ عَذَرا

شمسٌ تغيبُ ويَبدُو بَعدَها قمَرٌ

وتارةً لا نَرى شَمساً ولا قَمَرا

والناسُ بين نزيلٍ إثْرَ مُرتحلٍ

وراحلٍ يَقتفي الباقي لهُ أثَرا

يا ذاهباً حيثُ لا نَدري لهُ خَبَرا

تَفِدي لنا ذاهباً نَدرِي لهُ خَبَرا

قد أوحشَ الشَرقَ لَمَّا غابَ عنهُ كما

ألقَى على الغَربِ أُنساً حيثُما حَضَرا

هو الحبيبُ المُحِبُّ الصادقُ الثِّقَةُ ال

وافي الذي بين أهلِ الحُبِّ قد نَدَرا

فُؤَادُهُ الماءُ لِيناً غيرَ أنَّ بهِ

عهداً كنَقشٍ قدِ استَوْدَعْتَهُ حَجَرا

يَزيدُ مَرُّ الليالي في مَوَدَّتِهِ

كالغُصنِ يوماً فيوماً طالَ وانتَشَرا

وإن غَفَلتُ لضُعفي هَبَّ مُنتبِهاً

وإن نَسيتُ مواثيقَ الهَوَى ذَكرا

جاءت رِسالتُهُ الغرَّاءُ يَحمِلها

فُلكُ الدُخانِ كغيمٍ يَحِملُ المَطَرا

أرْوَت ظَمَا القلبِ لكنّي غرِقتُ بها

في بحرِ مِنتَّهِ الطامي الذي زَخرا

هيَ الكتابُ الذي سَمَّيتُهُ صَدَفاً

فيها الكَلامُ الذي سَمَّيتُهُ دُرَرا

قامت تُمثِّلُ لي أُنسَ اللقاءِ بهِ

من حيثُ كانت تَسُرُّ السَّمْعَ والبَصَرا

يا أيُّها الرَّاحِلُ الميمونُ طائِرُهُ

أَرَى وِدَادَكَ لا يَستَعمِلُ السَّفَرا

لكَ المُطَوَّلُ من شَوقِ المُحِبِّ وإِنْ

كانَ الكِتابُ الذي يُهدِيهِ مُختَصَرا