لما رأيتك ترعى ذمة العرب

لَمَّا رأيتُكَ تَرعَى ذِمَّةَ العَرَبِ

عَلمتُ أنَّكَ منها خالصَ النَسَبِ

وكيفَ تُنكَرُ في الأعرابِ نِسبتُهُ

فتىً لهُ عُمَرُ الفاروقُ خيرُ أبِ

يا حافظَ العهدِ في سرٍّ وفي علَنٍ

وحافظَ الوُدِّ عن بُعدٍ وعن كَثَبِ

أرَى رَسائلَكَ البَيضاءَ لو عُصِرَت

منها المَوَدَّةُ سالتْ بالنَّدَى الرَّطِبِ

بَيني وبينَكَ عَهدٌ لا يُغيِّرُهُ

بُعدُ الدِّيارِ وهَولُ الحَرْبِ والحَرَبِ

إن لم يَكُنْ بَينَنا في قَومِنا نَسَبٌ

قِدْماً فقد جَمَعَنا نِسبةُ الأدَبِ

ما لي وللدَّارِ إنْ شَطَّت فَمغرِسُنا

طَيُّ التَرَائبِ لا مَطويَّةُ التُرَبِ

إذا ظَفِرتُ بقَلبٍ غيرِ مُبتعِدٍ

فما أبالي برَيعٍ غيرِ مُقتَربِ

لا أوحشَ اللهُ مِمَّن ظَلَّ يُؤْنسُني

طُولَ المدَى بورُودِ الرُسْلِ والكُتُبِ

لو كُنتُ أدري لهُ شَخصاً أُمثّلُهُ

لكانَ في الوَهْمِ عن عَينيَّ لم يَغِبِ

يا عاقلاً عَقلَتْ قَلبي مَوَدَّتُهُ

لا أطلَقَ اللهُ هذا الأسرَ في الحِقَبِ

مَلَكْتَني ببديعِ اللُطفِ منكَ فإنْ

بَغَى سِواكَ اقِتناصي كنتُ كالسَّلَبِ

يا حَبَّذا أرضُ مِصرٍ والذينَ بها

وحَبّذا نَهلةٌ من نيلها العَذِبِ

وحبَّذا نَسَماتٌ طابَ عُنصُرُها

وإن يكُنْ عُنصُرُ الأيَّام لم يَطِبِ

صَبراً على نَكَدِ الدُّنيا التي طُبِعَت

على مُعاقَبَةِ الأحداثِ والنُوَبِ

والصَبرُ أنفَعُ ما داوَى الجريحُ بهِ

جُرحَ الفُؤَادِ وأهدَى الطُرْقِ للأرَبِ

ما ليسَ تَقطَعُهُ الأسيافُ يَقَطعُهُ

مَرُّ الزمانِ كقَطعِ النارِ للحَطبِ