لمن طلل بوادي الرمل باد

لِمَنْ طَلَلٌ بِوادي الرَّمل بادِ

تَخُطُّ بهِ الرِّياحُ بلا مِدادِ

وَقَفتُ بناقتي فيهِ فكُنَّا

ثَلاثةَ أرسُمٍ في ظِلِّ وادِ

على مَن لا سَلامَ لها علينا

سلامٌ لا يُرَدُّ على البِعادِ

تَعَشَّقْنا الحِجازَ وقد سَمِعْنا

بمَنزِلها على ذاتِ الإصادِ

نَؤومُ عينُها سَلَبَتْ مَنامي

فصارَ لها رُقادٌ في رُقادِ

رَضِيتُ بطَيفِها لو زَارَ حيناً

وكيفَ يَزورُ طيفٌ في السُّهادِ

كحيلةُ مُقلةٍ بَرَزَتْ كسيفٍ

فجاءَتها الغدائِرُ بالنَّجادِ

رأيتُ دَمي بَوجْنتِها فأرْخَتْ

ذُؤَابتَها تُشيرُ إلى الحِدادِ

لِعَينكِ يا أُميَّةُ ما برأسي

وما في مُقلتَيَّ وفي فُؤادي

تَطِيبُ لأجلِها بالشَيبِ نفسي

فقد صارت تَخافُ منَ السَّوادِ

أمِنتُ على فُؤَادي من حَريقٍ

بِحُبكِ حينَ صار إلى الرَّمادِ

وقد أمِنَتْ قُروحَ الدَمعِ عيني

لأنَّ الدَّمعَ صار إلى النَفادِ

دَعوتُ بني الصَّفاءِ لكَشفِ ضَرٍّ

أذُوبُ لهُ فكانوا كالجَمادِ

وما كلُّ أمرئٍ يا أُمَّ عَمْرٍو

بمحمودٍ إذا هَتَفَ المُنادي

هَوِيتُ من البِلادِ دِمَشْقَ لَمَّا

هَوِيتُ ابنَ النَّسيب منَ العِبادِ

وليسَ ابنُ النَّسِيبِ اليومَ فيها

سِوَى جَبَلٍ على كَبِدِ الوِهادِ

نسيبٌ من نَسيبٍ من نسيبٍ

كأكعابِ القناةِ على اُطِّرادِ

كِرامٌ لو تَقَصَّاهُمْ نَقِيبٌ

لَعَدَّ كِرَامَهُمْ من عَهدِ عادِ

إذا قَلَّبتَ في محمودَ طَرْفاً

تَرَى قَمَراً تَبوَّأ صَدْرَ نادِ

تراهُ في المعاني قيس عبسٍ

وفي الألفاظِ قسَّ بني إياد

كريم الخلقِ ممدوحُ السَّجايا

كريمُ النَفسِ محمودُ الأيادِي

أرَقُّ منَ الزُّلالِ العَذْبِ لُطفاً

وأثبتُ من ثَبيرٍ في الوِدادِ

فَتىً لا يَزْدَهيهِ التِّيهُ كِبْراً

ولو أمسَى على السَّبْعِ الشِّداد

تَحِلُّ المكرُماتُ حِماهُ شَوقاً

وقد سارَتْ إليه بغَيرِ حادِ

أصَحُّ الناسِ في الغَمَراتِ رأْياً

وأهداهُمْ إلى سُبُلِ الرَّشادِ

وأشجاهم بمَسئَلةٍ لخَصْمٍ

وأرواهم بفائدةٍ لِصادِ

يَهُبُّ الشَّوقُ في قَلبي إليهِ

هُبوبَ الرِّيحِ في رِجْلِ الجَرادِ

ويَعذُبُ مَا تَيسَّرَ منه عِندي

كمَسْغبَةٍ تُحبِّبُ كُلَّ زادِ

ألا يا مُنعِماً بقَديمِ وَصلٍ

بَدأتَ فهل لِبَدْئِكَ مِن مَعادِ

لَئنْ حَجَّت إليكَ العينُ يوماً

فإنَّ القلبَ دامَ على الجهادِ