قد ضل رأيا زاهد يبغي الريا

قد ضلَّ رأياً زاهدٌ يبغي الرِيا

فأُرِي لنا كالقانتِ المتهجِّدِ

لم يبغِ مجد اللَهِ لكن مجدَهُ

فاضَاع أجرَ تقنُّبٍ وتهجُّدِ

تطويلهُ التسبيحَ طائلةٌ لهُ

يبدو بأَطوَلِ سُيحةٍ في المَسجِدِ

يرجو بسُجٍ شادهُ سُبحاً لهُ

فكأَنَّ ربّاً دونهُ لم يوجدِ

لِيَنالَ مجداً خاوياً مثلَ اسمِهِ

فلغيرِ عِزَّةِ ذاتهِ لم يَسجُدِ

مستمسكاً بِعُراهُ معتصماً بهِ

مستنجداً لِسِواهُ لم يستنجدِ

ويقولُ من إِعجابهِ في سِرِّهِ

إن سارَياً شمسُ اخضَعي ثمَّ اسجُدي

فاجهِل بغَيٍ جاهلٍ بين الوَرَى

متعاظمٍ في ذاتهِ مستمجدِ

أَوجَدتَ فعلاً راجياً مجداً بهِ

فارذِل بموجودٍ وأَرذَلِ مُوجِدِ

وأراكَ بالسُج الخليِّ كمُغرَمٍ

صَبٍّ لفَقدِ حبيِبهِ متوجّدِ

تَبّاً لمن تَخِذَ الضَلالةَ كالهُدَى

ويَرَى جلامدةَ الحَصَى كزَبَرجَدِ

كم بينَ صوتِ غُرابِكَ النَعَّابِ عن

ذُعرٍ وبينَ هَمُوس ذاكَ الجُدجُدِ

لا تَسلُكَنَّ من السُهُولِ حُزُونَها

بل فاسلكَنَّ الغَورَ دونَ الأَنجُدِ

ان الوِهادَ لَتَشرَبُ الماءَ الذي

عافَ الهضابُ فكُن وضيعاً تُنجَدِ

فإذا اتَّضعتَ بَلَغتَ ارفعَ ذِروةٍ

وإذا طرحتَ المجدَ يوماً تمجُدِ

ما نلتَ يوماً نَجدةً بمُلِمَّةٍ

حتى لَجَأتَ إلى المُغِيثِ المُنجِدِ

هذا الذي الفيتُهُ لك نافعاً

فابخَل بنفسكَ بالتواضعِ أوجُدِ

ومُحاوِلوا التعظيمِ ليسَ أقلَّ من

قومٍ لاوثانِ الخليقةِ سُجَّدِ

طرحوا بمجدِ مليكهم وتشبَّثوا

بمجيدهم دون العزيز الأمجدِ

راموا الفَخارَ وهم من الصَلصالِ كال

فَخَّار أَني لو بُرُوا من عسجدِ