يا ويل من أغفل ذكر المنون

يا ويلَ مَن أَغفَلَ ذِكرَ المَنُون

واغترَّ بالكائنِ عَمَّا يَكُون

الموتُ حَقٌّ ما لهُ جاحدٌ

فانتبِهوا يا أَيُّها الغافلون

كما يَمُرُّ اليومُ ياتي غَدٌ

كذلكَ الأَشهُرُ ثُمَّ السِنُون

والمَرءُ في الدُنيا كحرفِ الهِجا

ما بينَ تحريكٍ لهُ أو سُكُون

ما فازَ بالأُخرَى سِوَى زاهدٍ

مَصاعبُ الموتِ لديهِ تَهُون

ما مَضَّهُ يومَ المَنا لَذَّةٌ

يَعدَمُها او ثَروةٌ او بَنُون

يَذُمُّ ذي الدُنيا أَحِبَّاؤُها

لكنَّهم ليسَ لها يَترُكُون

وقلَّ مَن أَبعَدَ عنها وما

تَحرَّكَت منهُ اليها الشُجُون

يَرُوقُهم غَضُّ جَناها وكَم

جَنَوا جِناياتٍ بما يَجتَنُون

يَخالُها عُشَّاقُها طِفلةً

وإِنَّني عاينتُها حَيزَبُون

يا أَيُّها القَومُ الذينَ امتَطَوا

خيلَ المَساوِي وهُمُ راكضون

هَلَّا اعتبرتُم بالقُرُونِ الأُولى

مَرَّت وها نحنُ لها ذاكرون

لم يَعشَقِ الدُنيا سِوَى مُومِسٍ

مُشتَّتِ المعقولِ فيهِ جُنون

يَرَونَ ما فيها ويَهوَونَها

كأَنَّهم من حُبِّها في دُجون

لم يَعلَموا ما الخيرُ جهلاً بهِ

لكنَّهم للشرّ فيهم فُنون

ان يَصمُتوا فالخُبثُ في طَيِّهم

وان رَوَوا يوماً فهم آفِكُون

قد يُنكِرونَ الشِركَ لكنهم

في حُبِّ دُنياهم هُمُ المُشرِكُون

وليسَ يَخشَونَ قَضا رَبِّهِم

وأَمرُهُ ما بينَ كافٍ ونُون

يَرُدُّ عبدٌ طاعَ رَبَّ العُلَى

قَرنَ الضُحَى مثل يشوعَ بنِ نُون

لم تُؤلَفِ التقوَى بربِّ الهَوَى

بينهما بَونٌ كضَبٍّ ونُون