ألم تعلمي يا أم توبة أنني

أَلَم تَعلَمي يا أُمَّ تَوبَةَ أَنَّني

عَلى حدثانِ الدَّهرِ غَيرُ بَليدِ

أَشُدُّ حَيازيمي لِكُلِّ كَريهَةٍ

وَأَنّي عَلى ما نابَ جِدُّ جَليدِ

وَما تَرَكَ الكَذّابُ مِن جُلِّ مالِنا

وَلا الزرقُ مِن هَمدانَ غَيرَ شَريدِ

أَفي الحَقِّ أَن يَجتاحَ مالِيَ كُلَّهُ

وَتَأَمنَ عِندي ضَيعَةُ ابنِ سَعيدِ

فَإِن لَم أُصَبِّح شاكِراً بِكَتيبَةٍ

فَعالَجتُ بِالكَفَّينِ غِلَّ حَديدِ

هُمُ هَدَموا داري وَقادوا حَليلَتي

إِلى سِجنِهِم وَالمُسلِمونَ شُهودِي

وَهُم أَعجَلوها أَن تَشُدَّ خِمارَها

فَيا عَجَبا هَلِ الزَّمانُ مُقيدِي

فَما أَنا بِاِبنِ الحُرِّ إِن لَم أَرُعهُمُ

بِخَيلٍ تَعادى بِالكُماةِ أسودِ

وَما جَبُنَت خَيلي وَلَكِن حَمَلتُها

عَلى جَحفَلٍ ذي عُدَّةٍ وَعَديدِ

وَقَد عَلِمَت خَيلي بِساباطَ أَنَّني

إِذا حيلَ دونَ الطَّعنِ غَيرُ عنودِ

أكُرُّ وَراءَ المَحجرَينِ وَأَدَّعي

مَواريثَ آباءٍ لَنا وَجُدودِ

إِذا فَرَغَت أَسيافُنا مِن كَتيبَةٍ

نَبَذنا بِأُخرى في الصَّباحِ ركودِ

وَإِن خَرَجوا مِن غَمرَةٍ رَدَّها لَهُم

دُعايَ وَتَحريضي لَهُم وَنَشيدِي

أَقولُ لَهم تِمُّوا فِدىً والِدي لَكُم

وَمالي جَميعاً طارِفي وَتَليدِي

أُفَدّيهِمُ بِالوالِدَينِ وَفيهِمُ

نَوافِذُ طَعنٍ مِثل حَرّ وقودِ

تَرَى النَّضحَ مِن وَقعِ الأَسِنَّةِ بَينَهُم

جَسيداً بِلَبّاتٍ لَهُم وَخُدودِ

وَغَيَّرَ أَلوانَ الأَسِنَّةِ بَينَنا

بِأَحمَرَ مِن صَوبِ العُروقِ فَصيدِ

فَدارَت رَحانا وَاِستَدارَت رَحاهُمُ

وَكانَ جِلادٌ دونَ كُلِّ وَعيدِ

وَأَبسَلَ أَهلُ المَأقِطين نُفوسَهُم

مُضاربَةً إِذ طارَ كُلُّ شرودِ

دَعَوني إِلى مَكروهِها فَأَجَبتُهُم

وَما أَنا إِذ يَدعونَني بِبَعيدِ

أُقَدِّمُ مَهري في الوَغى ثُمَّ أَنتَحي

عَلى قَرَبوسِ السَّرجِ غَيرَ صدودِ

إِذا ما اِتَّقوني بِالسُّيوفِ غَشيتُهُم

بِنَفسٍ لِما تَخشى النُفوسُ وَرودِ

فَما رمتُ حَتّى صُرِّعَ القَومُ نَشوَةً

سُكارى وَما ذاقوا شَرابَ حُدودِ

وَلَكِنَّ وَقعَ المشرَفِيَّةِ بَينَهُم

لِتُجهِزَ من يَدنو لِدارِ خُلودِ

كَأَنَّ رُؤوسَ الدَّارِعينَ عَشِيَّةً

مِنَ الحَنظَلِ المُلقى بِكُلِّ صَعيدِ

فَأَقلَعَتِ الغَمّاءُ عَنهُم وَفُرِّجَت

وَنَحنُ بِها مِن كاتِمٍ وَشَهيدِ