من مبلغ الفتيان إن أخاهم

مَن مبلِغُ الفِتيانِ إِنَّ أَخاهُم

أَتى دونَهُ بابٌ شَديدٌ وَحاجِبُه

بِمَنزِلَةٍ ما كانَ يَرضى بِمِثلِها

إِذا قامَ عَنَّتهُ كبولٌ تُجاوِبُه

عَلى الساقِ فَوقَ الكَعبِ أَسودُ صامِتٌ

شَديدٌ يُداني خَطوَهُ وَيُقارِبُه

وَما كانَ ذا مِن عُظمِ جُرمٍ جَنَيتُهُ

وَلَكِن سَعى الساعي بِما هُوَ كاذِبُه

وَقَد كانَ في الأَرضِ العرضَةِ مَسلَكٌ

وَأَيُّ اِمرِئٍ ضاقَت عَلَيهِ مَذاهِبُه

وَفي الدَّهرِ وَالأَيّامِ لِلمَرءِ عِبرَةٌ

وَفيما مَضى إِن نابَ يَوماً نَوائِبُه

دَعاني إِلَيهِ مصعَبٌ فَأَجَبتُهُ

نَهاري وَلَيلي كُلَّهُ أَنا دائِبُه

أَروحُ وَأَغدُو دائِماً وَكَأَنَّما

أُبادِرُ غُنماً في الحَياةِ أناهِبُه

فَكانَ حِبائي إِذ أَنَختُ بِبابِهِ

حجولٌ وَأَحراسٌ وَصَعبٌ مَراتِبُه

فَإِنِّي لَم أَنكُث لَهُم عَهدَ بَيعَةٍ

وَلَم آتِ أَمراً محدثاً أَنا راهِبُه

فَأَنَّى لَكُم مِثلي يُذَبِّبُ عَنكُمُ

إِذا الصَّفُّ دارَت لِلقِراعِ كَتائِبُه

وَإِنِّيَ مِن قَومٍ سَيُذكَرُ فيهِم

بَلائي إِذا ما غَصَّ بِالماءِ شارِبُه

كَأَنَّ عُبَيدَ اللَّهِ لَم يُمسِ لَيلَةً

مُوَطَّنَةً تَحتَ السُّروجِ جَنائِبُه

وَلَم يَدعُ فِتياناً كَأَنَّ وُجوهَهُم

مَصابيحُ في داجٍ تَوارَت كَواكِبُه

لَعَمرُكَ إِنّي بَعدَ عَهدي وَنُصرَتي

لَكالسَّيفِ فُلَّت بَعدَ حَدٍّ مَضارِبُه

وَقَد عَلِمَ المُختارُ أَنِّي لَهُ شَجىً

إِذا صَدَّ عَنهُ كُلُّ قِرنٍ يُكالِبُه

أَكُرُّ عَلَيهِ الخَيلَ تَدمَى نُحورُها

أُطاعِنُهُ طَوراً وَطَوراً أُضارِبُه

فَكَم مِن صَريعٍ قَد تَرَكتُ بِمَعرَكٍ

عُكوفاً عَلَيهِ طَيرُهُ وَثَعالِبُه

وَحِصنٍ مَنيعٍ قَد صَبَحتُ بِغارَةٍ

وَأَهلِ نَعيمٍ يضربُ الطَّبلَ لاعِبُه