سبحان من أنشأ بان القدود

سُبحان مَن أَنشأ بان القُدود

وَأطلع الورد بِرَوض الخُدود

سُبحان مَن أَحيا بِماء الحَيا

جنّاتها اللاتي زَهَت بِالوُرود

سُبحان مَن أَوجد ناراً عَلى

ماء تَمسّ القَلب قَبل الجُلود

سُبحان مَن أَنشأ أَغصانها

مِن فَوق كُثبان نمت بِالصعود

سُبحان مَن ألزم أَعطافها

طَوعاً لما يجذبُها لِلقعود

سُبحان مَن أَطلَع فَجر الطَا

وَصَيَّر الشُهب الدَراري عُقود

سُبحان مَن أَلهم أَعطافها

حلَّ عُرى الصَبر بِعقد البُنود

سُبحان من حاك شباكَ الهَوى

وَعلّم الغزلان صَيد الأُسود

سُبحان مَن أَغرى عُيون المَها

بِقَتل مَن يَدرأ عَنها الحُدود

سُبحان من حكّمها بِالنهى

فَلَم تَزَل طاعنة بِالشُهود

سُبحان مَن أَسهر أَجفاننا

في حُبّ هاتيك اللحاظ الرُقود

سُبحان مَن صيّر ملك البها

أَبهى الوَرى ملكاً وَأَقوى جُنود

سُبحان مَن أَطلَع في أَرضنا

بُدور تمٍّ في لَيالي سُعود

سُبحان مَن أَوجدنا عصبة

آدابها ترغم أنفَ الحَسود

من كُلّ مَن أُرضع ثَدي النُهى

وَضمّه الفَضل بحجرِ المُهود

نَحنُ مِن القَوم الأُلى طالَما

عَلى الوَفا قاموا بحفظ العُهودِ

وَجوهنا غرٌّ وَحُسّادنا

وُجوههم أضحت غرابيب سود

سالَت مِن الرقّة آدابنا

وَأَعيُن الضدّ عراها الجُمود

وَما اِنبَرَت تَزهو اللَيالي بِنا

حَتّى اِنبرى بِالغَيظ قَلب الجُحود

قُمنا كَما قامَت رِجال التُقى

حَتّى جفّت مِنّا الجُفون الهجود

نحيي اللَيالي لِنُميت العَنا

وَنبذل السَعي لِنوفي الوعود

شِعارنا صُحبة غيد الظبا

وَشَأن شانينا اِصطِحاب القُرود

قُمنا بِأَحكام الهَوى طاعة

فَلَيسَ فينا مَن تَعدّى الحُدود

هَذا وَما مِنّا سِوى صاحب

يَحتفظ السرّ وَخلّ وَدود

أَوجد فينا الودّ ربّ السَما

فَالحمد لِلّه الكَريم الوَدود