هناء وإسعاد وعز مؤبد

هَناءٌ وَإِسعادٌ وعزٌّ مُؤَبَّد

وَيمنٌ وَإِقبالٌ وَفَوزٌ مخلَّدُ

وَحمدٌ وَتَوفيق وَمَجد وَرفعة

وَبشر وَأفراح وَسَعد وَسُؤددُ

لِمَن هَذِهِ إِن قُلت قالَت لَكَ العُلى

مَقالة صدقٍ وَالمَآثر تَشهَدُ

لِمَن هُوَ في أَهل المَراتب واحِدٌ

لَهُ الفَخر في أَقرانِهِ وَالتَفرّدُ

لِمَن جمعت شَملَ المَكارم كَفُّهُ

عَلى أَن شملَ المال فيها مُبدَّدُ

لِمَن لَو دَعا المَجدُ المُروءةَ وَالنَدى

للبّاهُ مِنهُ طاهر الذَيل أَصيدُ

فَتىً يَصنَع المَعروف لا لاِكتِسابه

ثَناءً وَلَكن طَبعهُ البرُّ وَاليدُ

خَبيرٌ بِأَحوال الأَنام مهذَّب

حَليم لَهُ نور الفراسة مُرشدُ

تَدابير ذي لُبٍّ وَحكمة عارفٍ

تُؤسّس بُنيان العلى وَتُشيّدُ

وَهمّةُ مِقدام وَسَطوةُ قسوَرٍ

هصورٍ إِذا ما قابل الأُسد ترعدُ

هُوَ الجَوهَر الفَرد الَّذي قَد تَعدّدت

مَزاياه فَضلاً وَهوَ لا يَتَعدّدُ

عَزيزُ مثال لا لقلّة مَن نَمَت

مَعارفهم بَل مِثلهُ لَيسَ يوجَدُ

مهيبٌ مَتى ما تلقه تَلقَ فارِساً

يُقابل جَمعاً بَأسه وَهوَ مُفردُ

تَقلّد سَيفَ الحلم حَزماً وَطالَما

تفيدُ النُهى ما لا يُفيدُ المُهَنَّدُ

رَفيع مَقام دونَ غايَته السُها

فَما فَوقَهُ نَسرٌ وَنجم وَفَرقَدُ

كَسَت مَجدهُ أَخلاقه حُللَ الثَنا

عَلى أَنَّهُ مِن كُلِّ شَينٍ مُجَرّدُ

شَمائل لَو أَلقَت سَناً مِن شُعاعها

عَلى عَبد رقٍّ لاِنثنى وَهوَ سَيّدُ

فَللّهِ مِنهُ ماجِدٌ لَيسَ هَمُّهُ

مِن الكسب إِلّا ما بِهِ الذكر يخلدُ

أَغَرّ إِذا مَدَّ الظَلام رواقه

بِطَلعَتِهِ تُهدى السراة وَتُرشدُ

مَناقبهُ آيات حَقٍّ عَلى المَلا

متى تُليت كادَت لَها الهام تسجدُ

وَأَخلاقُهُ في كُلِّ شَرقٍ وَمَغربٍ

حَديثٌ عَن المَجدِ المُؤثّلِ مُسنَدُ

حُسامٌ يُرجّى عَفوه وَهوَ مصلتٌ

وَتَخشى الأَعادي بَأسَهُ وَهوَ مغمدُ

تَكاد إِذا ما عايَنتهُ دِماؤُها

تَسيلُ وَيَزدادُ الخُشوعُ فتجمدُ

تَعوَّدَ زجر الخَيل مُذ كانَ يافِعاً

وَقامَ بِأَعباء العُلى وَهوَ أَمرَدُ

حَليف تُقىً مِن عُصبَةٍ هاشِميّةٍ

عَلى مِثلِها أولى الخَناصر تُعقدُ

قَساور مضّاؤون في كُلّ مَوطنٍ

إِذا أَتهم الشوسُ القَساور أَنجَدوا

يَطولُ ثَنائي إِذ أعدّد فَضلَهم

وَيقصرُ عَن إحصائِهِ المُتَعمّدُ

فَيا أَيُّها المَولى الَّذي شاعَ ذِكرهُ

فَغَنّى بِهِ حادٍ وَأَطرَبَ مُنشدُ

مَكانك فَوقَ النيّرين تَرفّعاً

فَحَتّى مَتى تَعلو إِلى أَينَ تصعدُ

أَرى الدَولة العَلياء إِذ كُنت سَيفَها

بِوَجه العِدا إيّاك قامَت تجرّدُ

حبتك بِنيشان المَعالي فَلَم يَزَل

عَلامة مجدٍ بِالصَداقةِ تَشهدُ

وَما قَلَّدتك العزَّ فيهِ وَإِنَّما

لَهُ بِكَ عزّ الفَخر أَمسَت تُقلّدُ

فَإِن يَك مرتاباً بِقوليَ جاهل

فَلا عَجَباً أَن لا يَرى الشَمسَ أَرمَدُ

وَلا بدع أن كدتَ الحَسود تَلطّفا

فَقَد يَغمر الماء السَعير فَتخمدُ

فَقُل لِلعِدى يا بُهمُ موتوا بِغيظِكُم

فَلا عَيشكم صافٍ وَلا الدَهر مسعدُ

أَبالجهلِ يَبغي الحاسِدون خَديعَةً

وَفي وَجهِهم ماءُ الريا يَتَرَدّدُ

تَنَزَّه شِعري عَن أَسافل كُلَّما

يَمُرُّ بِفكري ذِكرها أتَنَهّدُ

نَوالي لَها في مَوطن البرّ مُطلَق

وَقَلبي بِحَمل الضَيم عَنها مُقيَّدُ

فَلولا رعائي حرمة الجار بَينَهُم

لَغادرتهم وَالصُبح كَاللَيل أَسوَدُ

بِكُلِّ جَوادٍ مُكتَسي المَجد تحته

جَوادٌ مِن النجب السَلاهب أَجرَدُ

أَنا الرُمح وَالسَهم المُسدّد لِلعِدى

وَدرع المَعالي وَالحسام المُجرّدُ

وَما أَنا إِلّا كل ما أَنا قائِلٌ

وَما قُلت إِلّا بَعض ما فيّ يعهدُ

وَبي نَفس حُرٍّ لا تراب بحطّةٍ

مِن الخسفِ إِلّا أَوشَكَت تَتَصعّدُ

عِصاميَّةٌ عزَّت فَلاقَت مِن الأَسا

مِنَ الدَهر ما لا يَمتريهِ التجلّدُ

تحدّثني بِالخطب وَاللَيل مِثلُهُ

فَتوقظُ عَزمي وَالخليّون هُجَّدُ

وَلَست بِمَن يَشكو الزَمان وَإِنَّما

أَفوهُ بِهِ مِن حَيث لا أَتَعَمَّدُ

تَعرَّضت لِلتَعريض في أَمر معشر

وَلَست أُبالي أن يُراب المفنّدُ

فمن يَكُ ذا طَبع حرونٍ فَإنَّني

بِما قُلتهُ إِيّاه أَعني وأقصدُ

وَمَن كانَ ذا قَلبٍ سليم فَإِنَّهُ

بَريءٌ وَشرّ الجاهِلين المُعربدُ

أَلا أَيُّها النائي عَن العَين إنَّني

أَراك بِقَلبي حَيثما أتفقّدُ

لَئن كُنت عَنّي قَد بَعدت فَقَد حَوَت

سَجاياك فَضلاً وَصفه مِنكَ أَبعَدُ

وَما زِلت تَرقى رتبة بَعد رُتبَةٍ

إِلى أَن غَدَت شَمس الضُحى لَكَ تحسدُ

هَنيئاً ألا يا وارد المنهل الَّذي

لِظمأى الأَماني مِنهُ يعسر موردُ

أَراك طَروباً كُلَّما اِهتَزَّتِ القَنا

كَما أَطرَب النَشوى الرَحيقُ المُبرَّدُ

خَلَعنا عَلى الأَيّام مِن حُلل الثَنا

بُروداً وَقُمنا لِلتَهاني نجدِّدُ

وَهيّمني قَول البَشير لَكَ الهَنا

كَما هيّم الصَبَّ الحمامُ المغرِّدُ

فأنشأتها بكراً عروباً فَأَعربَت

بِحَمد عَلَيهِ لي أَرى الناس تحمدُ

وَقامَت بِشُكر اللَه في باب ماجدٍ

عَلَيهِ لِواءُ النَصر ما زال يعقدُ

فَهاكَ عَروساً كُلَّما جليت عَلى

عُيونك كادَت بِالعَرائس تزهدُ

رَبيبة خدر قَد ربت في رُبى النهى

لَها الفَضل أَصلٌ وَالشَهامة محتدُ

بنت فَأَجادَت كلّ بَيت جَواهراً

وَما كُلُّ ما يبنى مِن الشعر جيّدُ

فَلو أَنّ بلقيساً رَأَت مِن بيوتها

لَقالَت مِن الياقوت صرح ممرَّدُ

وَلَو تليت يَوماً عَلى من أَجنّهُ

بِعادُكَ خِلنا ماردَ الهمّ يطردُ

فَثِب دَرجات العزّ يا مَن سميّهُ

لَهُ نسبٌ فيهِ يتمُّ التَشهّدُ

وَثق بِالَّذي تَرجو إِذا قُمت داعياً

تُخاطبه بالذكر إِيّاكَ نَعبُدُ

فَإِنّ الَّذي أَعطى سُليمان سُؤلهُ

سَيُعطيك ما أَمّلتهُ يا محمّدُ

فَخض كُلّ لجٍّ وَاِلتقط دُرر الثَنا

وَعُد راشداً بِالفوز فالعود أحمَدُ