وفى لنا الدهر إسعادا بما وعدا

وَفى لَنا الدَهر إِسعاداً بِما وَعدا

فَلا عدمنا لَهُ في المكرُمات يَدا

ألقى زِمام العُلى عزّاً لِصاحبها

فَكانَ مِمَّن تَحرّوا لِلهُدى رشدا

وَظَلّ يُبدي التَهاني في مرابعنا

فَعادَ مِن بَعد ضَنكٍ عَيشنا رغدا

مَن لَم يَعش رَغدا فيما تَعيش بِهِ

كُلّ الأَنام فدعه فَليَمُت كمدا

وَافى البَشير فَيا بُشراي إنّ لَنا

بِهِ مِن الخَير ما لَم نحصه عَدَدا

فَيا سَعادة ذي حلم أَقرَّ بِما

بِهِ سَعدنا وَيا خسران من جحدا

وَيا سُروراً بِهِ الدُنيا اِكتَسَت حللاً

مِن الهَنا وَبِهِ العليا زَهَت أَبَدا

حيّيت مِن قادم أَحيا القُلوب بِما

حَيّا بِهِ فأَمات الهَمَّ وَالكمَدا

جادَت مَراحم سُلطان الوُجود لَنا

بِعود وامق فعل الخَير مُعتمدا

فَعمَّنا فيض إِحساناتها وَلَقَد

كُنّا طَرائق مِن هَذا الوَرى قددا

فَيا لَهُ صالِحاً فازَ الأَنام بِهِ

فَأَصلَح اللَهُ مِنهُم كُلَّ ما فَسَدا

كُنّا نجدُّ اِبتِهالا بِالدُعاء لَهُ

وَكُلّ مَن جَدَّ في نَيل المُنى وَجَدا

حَتّى بَدا صبحُ أَفراح المَلا فَمَحا

لَيل العَنا فَأرانا لِلهَنا جددا

أَكرم بِهِ مِن مشير لا يشير لَنا

إِلّا بِما هُوَ بِرٌّ فعله حُمدا

عَهدي بِهِ حَيثما كانَت عِنايته

بعدلهِ ظَلّ يَرعى الشاة وَالأَسَدا

فَيا لَهُ سَنَداً تروي مَناقبه

لَنا أَحاديث إِفضال علت سَنَدا

إِسكَندر الحَزم مُستَغنٍ بِحكمته

عَن نَيلِهِ مِن أَرسطليسه مددا

يُدبّر الأَمر بِالرَأي السَديد وَبِالب

بأس الشَديد فَلا يَنفكّ مُجتهدا

حازَ النَزاهة في آرائهِ فَسما

وَبِالنهى زَيّن العَلياء فَاِنفَرَدا

إِذا بَدا مارد الأَحداث أتبعهُ

مِن السَداد شهاباً لَم يَزَل رَصدا

هُوَ الخَبير بِأَحوال الأَنام فَلا

يَزال نورُ ذكاه الدَهر مُتَّقِدا

روحُ المَعالي بِها ما زالَ مُتَّحِدا

وَالروح لا رَيبَ في أَن تَألف الجَسَدا

حَوى الكَمال فَلَو يَمّمتَ ساحته

عاينت بَحر نَدىً مِنهُ وَبرَّ هُدى

محبَّب لِلبَرايا لَم تَزَل أَبَدا

تَرى محبّته ديناً وَمُعتَقدا

وَهَكَذا مَن أَحَبَّ اللَهُ حَبّبنا

فيهِ فَكُنّا بِهِ مِن جُملة السعدا

فَهاكَ يا بَدر آفاق العُلى شَرَفا

عَذراء مِن طيب مَعناها حَوَت زبدا

زفّت كُؤوس التَهاني لِلمَلا طَرَبا

فَأرشَفَت وَالداً مِنّا وَما وَلَدا

وَيَمّمت بابك العالي مُهنّئة

بِيمن تَشريفك السامي كَما عُهدا

قَد كانَ عَودك عيداً بِالسُرور زَها

وَالعود أَحمَد تَحقيقاً لِما وَردا

لَولا إِيابُك يا شَمس الكَمال لَما

أَبقى بِنا الوَجد لا صَبراً وَلا جلدا

فَدُم مدى الدَهر شَمساً لا مَغيب لَها

وَلتعم عَن نورِها أَبصار مَن حَسَدا