يا راحلين بقلبي والنهى أفلا

يا راحِلين بِقَلبي وَالنُهى أَفَلا

تَرون نَجم سُروري بَعدَكُم أَفَلا

أَحباب قَلبيَ لا كانَ الوداعُ وَلا

كانَ الفراق وَلا كانَ البِعاد وَلا

كُنتُم وَكُنّا كَأَغصان الرِياض إِذا

غَنَّت بَلابلها مِلنا بِها جَذلا

بِنتُم فَبانَ اِصطِباري بَعدَكُم لَهفاً

كَأَنَّ ما قيلَ قَد أَضحى لَنا مَثَلا

لَولا مُفارقة الأَحباب ما وجدت

لَها المَنايا إِلى أَرواحنا سُبُلا

لا فَرَّق اللَه شَملاً مِن أَحبّتنا

عَلى الصَفا وَالوَفا يا طالَما اِشتَمَلا

كُنّا نُغازل غِزلان النَقا فَإِذا

بِتنا وَباتَت سَهرنا نَنتَقي الغَزَلا

رَعى لَياليَ أَفراح لَنا سَلفت

بِلذّة العَيش كَم نِلنا بِها أَمَلا

كَم لَيلة أَشرَقَت فيها كَواكبنا

وَبَينَها القَمَر الباهي الَّذي اِكتَمَلا

أَعني بِهِ السَيّد اللَوزيّ مِن شرفت

بِهِ المَنازل عزّاً أَينما نَزَلا

المُفرَد الأَوحَدُ الأَسخى يَداً ونَدىً

وَالماجد الأَمجدُ الأَسمى تقىً وَعُلى

مهذَّب لَيسَ فيهِ ما يُعاب سِوى

بَذل المَكارم وَالحلم الَّذي فَضلا

مِن الأَكارم إِلّا أَنَّهُ رَجلٌ

لَهُ المَحامد جسم وَالكَمال حُلى

ما رقّة الماء ما لُطف النَسيم وَما

نَوافح الطلّ مَهما باكَرت طَللا

يَوماً بِأَلطف مِن أَخلاقِهِ شِيَماً

وَلا أَرقّ مِن الطَبع الَّذي اِعتَدَلا

أَحبب بِما قَد حَوَت تِلكَ الشَمائل مِن

طيب الشَمائل وَاللطف الَّذي شَملا

مَآثر كفرندِ السَيف باهِرَة

وَهمّة مثل حَدّ السَيف إِن عَملا

مَهما تَحرّى الكرام الكاتِبون لَها

لَم يَكتُبوا خَطأ مِنها وَلا خَطلا

لا تَعذلوه عَلى بَذل النَدى فَلَهُ

بِالبَذل صارم عزم يسبق العذلا

وَما المُروءة إِلّا لَفظة جُهِلت

في عَصرِنا هُوَ مَعناها الَّذي اِحتَمَلا

تَهزّه أَريحيات العُلى طَرَباً

كَشارب الراح هَزَّتهُ الطِلا ثَمِلا

نعم الخَليل الَّذي عَن كُلّ شائِبة

خَلَت سَجاياه حَتّى لا ترى خَلَلا

مُذ حَلَّ بيروت لَم تَبرَح تَميس بِهِ

تيهاً وَعجباً وَيَكسوها الهَنا حُللا

يا بَدر لا غبت لَم تَبرَح تَميس بِها

عمَّ الدِيار وَعَمَّ السَهل وَالجَبَلا

لا صبَّ مَدمَع صَبٍّ مِنكَ يَوم نَوى

وَلا مَلا بِالجَوى مِنّا قُلوب ملا

لَيتَ القُلوب الَّتي كانَت وديعَتنا

عِندَ المودَّع قَد كانَت لَهُ بَدَلا

وَما الوَداع عَلى حفظ الوِداد بِنا

بِفاعل بَعدَ بُعد الدار ما فَعَلا

أَحبابنا إِن رَحَلتُم وَالفُؤاد مَعاً

راعوا فُؤادي الَّذي مِن أَجلِكُم رَحَلا

صِلوا وَلا تمنعوا عَنّا رَسائِلَكُم

فَنُرسل الدَمع مِن أَجفانِنا رُسُلا

أَنتُم كَواكب لا غابَت مَطالعكم

عَنّا وَلا زالَ حَبل الودّ مُتَّصِلا

عَسى عَلى أَحسَن الأَحوال يَجمَعُنا

مَن لا يخيِّب راجيهِ إِذا سَأَلا