أحياء تحت الثرى

مقابرٌ إنْ تزُرْها تلتقِ الموتىْ

فيها كأنّهُمُ الأحياءُ لا أنتَ

لو أنّهُمْ دُفنوا في أقحَلِ الأرْضِ

لاخْضَوْضَرَ يبْسُها وأَخرَجتْ نبْتا

يا ليْتَ ما بيننا مِنْ مانع اللّحْدِ

يزولُ حتّى تُقيمَ بينهُم وقْتا

ولو فعَلْتَ لصارَ حُلمُك الأغْلىْ

لو أنّكَ ابْتَعْتَ في جوارِهمْ بيْتا

لكنّهم ها هُنا أئمّةٌ كانُوا

ولمْ تزلْ ما عهِدتُ منذُ أنْ جِئتَ

وما سمِعتُ بمَجدٍ هادنَ الذلَّ

ولا بِحُرِّيَّةٍ تُساكنُ الكبْتَ

صالُوا وجالُوا فما صُلتَ ولا جُلْتَ

سادُوا ونالُوا فما سُدتَ ولا نُلتَ

بفعلِهمْ كتبَ اللهُ لهمْ خُلْدًا

ما زادهُم أنْ ورِثْتَ مجدَهمْ صِيْتا

وفي الدّيارِ قصورٌ ماتَ منْ فيها

أمسَتْ بموتهمُ الحياةُ في الموْتَى

حتّى الجمادُ جوارَهمْ غدا عظمًا

أمسيْتُ في وجهِهِ أُكلِّمُ الصّمتَ

منهُ جرىْ في قصائِدي دمٌ حتّى

جاورَ موْتى فصارَ مثلَهمْ ميْتا

أمّا القصيدُ فأمسى بينهُمْ نثرًا

لملمتُ أشْتاتهُ فلمْ أجِدْ بيْتا

فقلتهُ آملًا أن ألتقي أُذنا

تحيا به فيكونَ عندَهمْ سَمْتا

وناسيًا أنّهم لمْ يسمعوا اللهَ

أيَسْمعونَ الّذي أنشدَ أوْ أفتَى؟

موتٌ وأقبِحْ بهِ إذْ يرتدِي وجهَ

الحياةِ في حينِ أنّها تُرى موْتا