اليقينية

أُقِرُّ بأنّني قد عشْ

تُ أزمانا وأزمانا

وأنّي قد شهدت النا

رَ تُغوي الطينَ عِصْيانا

وما حلّ بحوّاءَ

وآدمَ بعد أنْ هانا

وأنّي من على الفلكِ

رأيتُ الشِّرك طوفانا

وأنّي كنتُ في عادٍ

وهم يبنونَ بُنيانا

وقد كانوا أشدَّ الخلْ

قِ غطرفةً وسُلطانا

وكان لهُم أخٌ يدعو

إلى اللهِ وما لانا

فصدّقتُ بما جاء

بهِ وازددتُ إيْمانا

وأنّي راعني استسلا

مُ علم القومِ صَغرانا

إلى أنْ جاءت الريحُ

فأمسى التِّيهُ جُثمانا

و بات القوْمُ للقامو

سِ أسرى بابُهم “كانا”

ويجثم فوق ما علّوا

عمىً ينفثُ نِسْيانا

أُقِرُّ بأنني لا زلْ

تُ أبكي القومَ سدْمانا

فعادٌ جاوزوا الأحْلا

مَ هندسةً وعُمرانا

وقد أعيا على الخلقِ

بناءٌ ظلّ برْهانا

فما نفْعُكَ يا عِلْمُ؟!

رضيت الجهلَ رُبّانا؟!

فسبحان الذيْ أحيا

وأبقى وعلا شانا

وما عدتُ أرى القومَ

كأنّ الخلقَ ما كانا

ومع خلفائهم إذ يجْ

علونَ الصخرَ أكْنانا

وأنّي هالني استكبا

رُهم في الأرضِ عُميانا

وجاء أخٌ لهم يدعو

إلى الحقِّ وما هانا

فآمنتُ به لمّا

تجلّى القربُ غُفرانا

وعذتُ بخالقي لمّا

تجلّى البعدُ خُسْرانا

وأيقنتُ بأنّ الحق

قَ منتصرٌ وإنْ عانى

وأنّ الظلمَ إنْ سارَ

عليها سارَ إنسانا

وأنّ تكبّرَ اليوم

غداً يُدفعُ إذعانا

وأنّ تواضعَ اليوم

غداً يُدفعُ إحسانا

وما عدْتُ أرى القوم

كأنّ الخلقَ ما كانا

وأنّي جبتُ مع منْ جم

معَ التاجين بُلدانا

وأنّي قلتُ شعراً يوْ

م غلَّ النسرُ ثعْبانا

فتولد مصرُ أمّا تعْ

زفُ التاريخ ألحانا

وأنّي في هوى الشام

قُتلتُ ولستُ ندمانا

وجدتُ الناسَ فيها يُلْ

بِسونَ الناسَ تيجانا

فقالوا: عزّ من بالشا

م لا ذلَّ ولا هانا

وأنّي زرْتُ نقمادَ

و أوغاريتَ أحْيانا

فصرت أُعلّمُ الحرفَ

لكلّ الكونِ مجَّانا

نسودُ بمصر والشام

ونعلو الإنسَ والجانا

أُقِرُّ بأنّني صاحَبْ

تُ فرعونَ وهامانا

وأنّي قد شهدتُ النا

سَ في الزينةِ ألْوانا

وهارون وموسى وال

العصيّ وسحرَ من مانا

فآمنت به حين اسـ

ـتحالَ عصاهُ ثُعْبانا

وما صدَّقَ فرعونُ

فدام الظلمُ إنسانا

إلى أنْ أقفل البحرُ

ملفّ القومِ تِبْيانا

أُقِرُّ بأنّني خلف

المسيحِ مشيت جَذْلانا

وأنّي قد شهدتُ الصلـ

ـبَ إذ هلكَ الذي خانا

وأنّي ثالثُ اثنين

زها المترفُ نُكْرانا

فناجيتُ السّما لمّا

بكى المحرومُ عِرْفانا

وسابعُ ستةٍ آوا

همو الكهفُ بعمّانا

وأنّي متُّ والآنا

م والشيطانُ أنْسانا

فأحياني سماعُ المُص

طفــــى يـــــقــرأُ قرآنــــا

وأدركت بأن العُمْـ

ـرَ غرسٌ زهرُه بانا

وأنّ القلبَ جرحٌ ما اشْـ

ـتفَى والبُرءُ قد حانا

وأدركتُ بأنّ الشّع

رَ بيتٌ يُقبلُ الآنا

أتي القرآنُ معجزةً

مشى القرآنُ إنسانا

وحبٌّ بانَ ظمآنا

بِأحمدَ عاد ريّانا

وللحبِّ استمعنا إذ

غدا مولاه مولانا

فقوموا للذين استك

ثروا من سبِّ منجانا

فما أُوذي انسيٌّ

كما أُوذي مُذ كانا

وإنّي دون غيري وا

رثُ القدس وكنْعانا

ومن شاهد سكّان السْـ

ـما يبنونَ أقصانا

أُقِرُّ بأنّني صاهرْ

تُ عدنانَ وقحْطانا

وأنّي قد ورثت الخض

رَ والفضلَ ولقمانا

وأنّي لم أزلْ حيّاً

أجوبُ الدّهرَ حيْرانا

فما زال بنا نزْقٌ

لأنْ ندفعَ أثْمانا

صحِبتُ الظلمَ إنسانا

صحبتُ الحقَّ إيمانا

تعدّدَ أوجهُ الظلمِ

و وجْه الحقِّ أحْصانا

أقولُ لمن طغى في الأر

ضِ واسْتكبر شيطانا

ثموداً كنت ام عادا!

عهِدتك دونهم شانا