جد في العراء

أينامُ جدٌّ في العراءِ وسبطُهُ

من بعْدهِ في خيرهِ يتقلَّبُ!

جهلٌ به إنْ خالَ يومًا جدَّه

يبَسًا بلا حسٍّ وقلبٍ يضرِبُ

بلْ إنّه الحيُّ الّذي لو عادهُ

لرأى الحياةَ جليّةً تتوثَّبُ

وعساهُ إنْ نظرَ المرايا أنْ يرىْ

ما ليسَ يَخفىْ: نيْطَلٌ يتثاءبُ

أيقالُ للدّنيا حياةٌ والحقيْ

قةُ جلّها عنّا بها تتحَجَّبُ؟!

أيقالُ للأخرىْ فناءٌ والحقيْ

قةُ ذاتها خلْفَ الحجابِ تأهَّبُ

يا أيّها الميْتُ الّذي لا يكتفِي

من موتِهِ حتّام منهُ تشْربُ؟

حتّام من حقٍّ عليكَ تهرَّبُ؟

والحقٌّ صاحٍ ليسَ منهُ مَهْربُ

حتّام عمّن لا تخونُ تَغرَّبُ

ومنَ الّتي دمُها الخِداعُ تَقرَّبُ؟!

أإلى الّتي تُذكيْ الحروبَ تحبَّبُ؟

وعنِ الّتي تُفشيْ سلامًا ترْغبُ؟!

أولمْ تحسَّ بنبْضِ صدرِك ينضِبُ؟

وهواؤهُ نحوَ الفضا يَتَسرَّبُ؟

أولمْ يمِلْ بك تُرْبُ جذعِكَ للثّرىْ؟

حتّى غدوتَ على ثلاثٍ تركَبُ

ما ميله إلّا تلهّفَ عائدٍ

للأصْلِ حنّ وكلّ أصلٍ غالبُ

أولَسْتَ تَفترِشُ الثّرى دون الوِثا

رةِ كلّما أحسَسْتَ أنّك مُتعبُ؟

وكأنّ نفْسَك إذْ تَمدَّدُ فوقهُ

تُلقيْ بحِمْلٍ للسّكينةِ يَسْلُبُ

تبغِي السّكينةَ! منْ سِوى أُخْراكَ يا

عبّادَ همِّكَ للسّكينةِ يجلُبُ!

ما عادَ يسْتهويكَ فيها مُحْدثٌ

والحُسنُ فيها للمواضِيْ يُنسَبُ

تبكيْ القديمَ أخًا بكىْ لأخٍ مضىْ

وتعيشُ معْهُ كأنّه لا يَغرُبُ

وتدورُ في فَلَكٍ قديمُك شمسُهُ

وتفاخرُ الدّنيا بأنّك كوْكبُ!

وبهِ المسيرُ ودونه تتذبذبُ

وهْو الرّشادُ وما عداهُ كاذبُ

ولكلِّ ما يُمْليهِ قولًا تكْتُبُ

فبهِ النّجاحُ ودونهُ تتخيّبُ

والحِبْرُ في اَيْديْ قديمِك مُعْرَبٌ

وفصيحُ منْ هُم دونهُ لا يُعْرَبُ

ومن اسْتحَبَّ قديمَهُ أمسىْ لأُمْ

مِ قديمِه ابْنًا وهْوَ منها أقْربُ

يا أيّها المتغرّبُ المخذولُ ما

بكَ كلّما أصْبَحْتُ أدنىْ تهرُبُ!

إنّي أنا الأُخرىْ الّتي تتهيَّبُ

وأنا هيَ الأبْقىْ الّتي تتجنَّبُ

أقبِلْ عليَّ فإنّني أترقَّبُ

فِعلًا علىْ الدّنيا بهِ تَتغلّبُ

فأنا النّعيمُ لِمنْ أتاني غالبًا

دنياهُ مُعتقدًا بمنْ لا يُغلَبُ

وأنا الشّقاءُ لِمنْ أتاني مُجبرًا

ما انفكّ فيمَنْ تنقضيْ بيْ يَرْغبُ