مات قبل أن يموت

عندما تذهبُ الحياةُ ويَبقىْ

لكَ منها عمرٌ بلا نبضَاتِ

ثمّ تُنعىْ إليكَ نفسُكَ إذْ ما

عدْتَ حيًّا بل صِرتَ في الأمواتِ

لا تلُمْها إذ ذاك واعتبْ عليها

إنْ تشأْ واعلمْ أنّها في الثّقاتِ

ذمّ عمرًا لمْ يجتهدْ قطّ فيها

لا لها أو لِمنْ بُعَيْد المَماتِ

إنّ في بعضِ العُمْر ِكبْرًا وزهوًا

يتعالى عَلى حِباء الحَياةِ

ظنُّه بالحياةِ أنّ الحياةَ

تبَعٌ للأيّامِ والسَّنواتِ

إذْ يرى في الحياةِ ظلًّا يطُلْ إنْ

طالَ حتّى يذوبَ في الدُّجُناتِ

بل ويمشيْ على هواهُ فيبطيْ

إنْ تباطا ويُقصِرُ الخطواتِ

فينامَ حتّى إذا ما استفاقَ

صاح صيحَ من تاهَ في الفلَواتِ

أين نفسي الّتي بها اسْمي ورسْمي

وخِصالي وعادَتي وصِفاتي

أين راحتْ مني الّتي دونها لسْ

تُ سوى حلمٍ دونما ليلاتِ

وغريبٍ يسيرُ في الأرضِ طيفًا

لا يرىْ إنْ رأىْ سوى الأمْواتِ

وثقيلٍ على أكُفِّ الزّمانِ

ما تأتّى منهُ سوى الويلاتِ

يجهلُ الفرحَ مثلما يجهلُ الحز

نَ وليسَ فيهِ من الشّهواتِ

لا يجوعُ إلّا إذا جاعَ دودٌ

فيهِ لنْ يبقي منهُ غيرَ الرُّفاتِ

دونما رايٍ أو فؤادٍ فيمضيْ

في الخواءِ أعمىْ بلا غاياتِ

يرقبُ الموتَ جاهلًا أنّه ميْ

تٌ خلا موتُه من السَّكراتِ

يجهلُ الموتُ كيفَ ماتَ وأينَ

ما نعاهُ حتّى نعاةُ النعاةِ

لا دعاءَ على حياةٍ أُهينتْ

بل على عمرٍ غرّ بالدّعواتِ

وعلىْ من إذا أتى العمرَ موتٌ

قامَ جهلًا يدعو لهُ بالنّجاةِ