يا صاحب الأمر

يا صاحبَ الأمرِ لا أعصيْ لكَ أمْرا

إنْ أنْتَ خلَّدْتنِيْ أوْ زِدْتنيْ عُمْرا

وعُدْتنِيْ حاملًا في كفِّك اليُمنى

جِنانَ عدْنٍ يسيلُ خمرُها نهْرا

وجِئْتنِي بالّذي يُغنيْ منَ اللهِ

إذا عصَيتُ ولمْ أُطِعْ لهُ أمْرا

ولمْ أُسبِّحْ لهُ في السرِّ أو جَهْرا

ولم أصِلْهُ بجوفِ اللّيلِ أو ظُهْرا

يا صاحبَ الأمرِ لو وَهَبْتَني الدّنيا

وزِدْتَ ضِعفيْنِ ما رضيتُها مهْرا

لجُثّةٍ إنْ أُمِتُّ أصبحتْ نُكْرا

أكثِرْ بهِ من نوالٍ إنْ يكُنْ قبْرا

ما بالكم بالّتيْ إنِ اتّقتْ كانتْ

ليْ يومَ يُبعثُ منْ في قبرِهِ ذُخْرا

يا مُهلكِي للزّوالِ هذهِ الصُّغرى

عُمِّرْتَ ألفينِ أو خمسينَ أو دَهْرا

حتّى إذا نُفِختْ ألنفخةُ الأخرى

حسِبْتَ ما عِشتهُ لا يعْدلُ الصِّفرا

أُنظُرْ إلىْ ما مضىْ وعُدَّ ما مرَّا

فلم يجُزْ طولُ ما ظلَّ لنا الظُفْرا

يا صاحبَ الأمْرِ من يُجيرُنا منهُ

في هذِهِ إنْ يرِدْ بي أوْ بكَ الضُّرّا

ما بالكم والملاكُ حولَنا صفّا

في محْشرٍ أرضُهُ مبسوطةٌ عَفْرا

والنّارُ تُلقي شرَارَها بهِ قَصْرا

ولم نجدْ حينَها من دونِهِ سِتْرا

واللهُ من فوقِنا أعظِم بهِ ربّا

ويلاهُ من حُكمِهِ إنْ لم يكنْ ظَفْرا

إنّي أخافُ جحيمًا أُوقدتْ ألفا

من بعدِ ألفين حتّى لم تعُدْ حَمْرا

إنّي أخافُ إذا عصيتُهُ نارا

أُسقىْ الحميمَ بها وأُلقمُ الجَمْرا

إنّا إلى اللهِ لا إلهَ إلّا هُوْ

إليهِ نُبتُ فلا أعْصيْ لهُ أمْرا

أبنتُ فاخترتَ إذ خيّرتُكَ الدنيا

عرضتَ فاخترتُ إذ خيّرتنِي الأخرى

من لو روى حُسنُها عن نفسهِ دَهْرا

لما وفَى من سِرارِ حُسنِها سِرّا

ربّاه قد خِرْتُ أنْ أُعَمِّرَ القبْرا

في هذهِ فابْتنِ ليْ عِندكَ القصْرا