اشرب فليلك بالهيام جدير

اشرب فليلك بالهيام جديرُ

كل الكؤوس إلى يديكَ تشير

لا ثوبَ في سهر الدموع لبستَه

إلا و فيهِ من الرَّجاء بَخورُ

أوتيتَ مزمارا يعتق بوْحه

جَدَلُ الضفاف و رملُها المسحور

أنتَ المُسافرُ لا ظلال لِسربِه

حتى ظلالك في السرابِ هجيرُ

قاسمتَ زادك كل قلبٍ جائع

ماذا سيبقى و الجياع كثيرُ؟!

تخفي ابتسامك إن فرحتَ بومضة

ما لمْ يُنرْ ليل الوجوه سرورُ

أيامُ عمرِكَ للرحيل مدائنٌ

وحروفُ شعركَ للحنين جسور

لم ترسُم الصحراء فيك منارةً

إلا و عيرٌ خلفَها ونفيرُ

ودَّعتَ قافلة الحجيج فلم يَزلْ

في الكف من أثر الوَداع عبيرُ

عيناك مبصرتانِ بعدَ عماهُما

فعليهِما ألقى القميص بشيرُ

تتلو على الأسحار من نبأ الهوى

أن الأحبة ذنبهمْ مغفورُ

تأتي من الطرف القصي كفكرةٍ

و يشيبُ في لحظاتِك التفكيرُ

وجه ابن تاشفّين يَقبِسُ نورَه

من وجنتيكَ ، فيوسفًا ستَصيرُ

ها أنتَ تبحرُ ثم ينفلق المَدى

قَدَريْن بينهُمَا الفَنار منيرُ

يتهيب الطوفانُ كل سفينة

فيها على الألواحِ منك سطورُ

ما بين ذاك الطود و الموج المُحدِّق

فيكَ للقمر المنير عبور

ستُعانق الجَنَّاتِ أندلسيَّةً

فتغارُ منها خيمةٌ و غديرُ

و نقشتَ في روح النخيل حكاية

عنْ سدِّ مأربَ ربعُها مهجورُ

وطفقتَ من وَرَقي على الحسرات تخصِفُ

يا أبي و أنا بك المستور

قدرٌ علينا أن نسيرَ وربما

تتوقف الدنيا و نحن نسير!