نصيبي من الصحراء

سأسقي بها العطشى فتلك سجيتي

وأوثر حتى يعرف الناس من أقفو

نصيبي من الصحراء نبل ضميرها

و أن الهوى عمر و لو عمره نزف

تطهرت بالأشواق و اخترت نجمة

إليها عروجي كلما ارتد لي طرف

فلاذت بأهداب الحروف و أسلمت

و قام بأمري عندها النحو و الصرف

و لي نسبة للشمس عند طلوعها

و لي نسبة للغيم من بعدها يصفو

غريب و دار الأهل تسكن مقلتي

ستبكي بناني حين تنكرها الكف

تذكرت حبوي في المصلي خلالهم

فلي كلما اصطفوا وراءهم صف

و إذ أتهجى يغمر البشر جدتي

و حين سفير الصبح سورتها الكهف

وحيدا تراني الآن ما أسرع البلى

تقادم عهد الحبر و اندرست صحف

وشنقيط نور العين تسأل من أنا

كأن ليس لي فيها كتاب و لا رف

تقول من الباكي ألست ابن شيخها

وها أنذا جهدي مضمرها الطرف

أمر على الدنيا خرابا فلا يد

تشير و لا دف هناك و لا قف

سأبكى طوال العمر خطو حجيجهم

فمن سوف يبكيني إذا نزل الحتف

و كانت لنا بين البساتين جنة

و ها هي تحت الرمل من زهدنا تغفو

و إن فتى يشكو غرامين ميت

فكيف بشنقيطين خانهما الإلف

و ما كان هذا الصرم يا دار رأينا

و لكنه من بعد قوتنا ضعف

و من حسرات النأي حمر دموعنا

فيا لعيون لا تجف إذا تجفو

و سارت بدرب الأربعين ركابنا

و كان لنا من كل مكرمة صنف

و كان لنا في الناس ذكر بدارنا

هي الاسم و الدنيا لقامتها وصف

إذا اجتمعت غر الوجوه بربعنا

فذلك زرع سوف يتبعه القطف

فهل منقذ هذي الربوع و بوحها

و ما من كنوز قد يخبئه السقف

و من كان ذا مجد و ضيع مجده

فليس له في الناس عدل و لا صرف