تجليات في حضور الغائبين

سأكونُ أَفضَلَ

لو وجدتُكِ مثلما قد كُنتِ

هادئةً ومُشعِلةً حنيني..

سأكونُ أفضلَ

لو أَويتِ بِصوتِكِ الفَجْريِّ نحوي

وَاسْتَضأْتُ بِبِضْعِ نَجْماتٍ

تُحيطُ بِاِسْمِكِ الِمصباحِ

يَسْكُبُ فوقَ ليلِ عوالمي

نورَ الجُنونِ..

لا شيءَ يَدعُو لِلفراغِ

وعطرُ أيلولَ اللطيف

تُثِيرُهُ أنفاسُكِ الحَيرى..

ونحنُ الغائِبَانِ الشَّاهِدانِ

نُرمِّمُ الذِّكرى

وَنَسْتَلُّ النَّشيدَ

منَ الأنينِ ..

لَسْنا نُحَدِّدُ وِجْهَةً

لِتَجَلِّياتِ شُعُورِنا في الأمْكِنَهْ ..

رُوحي ورُوحُك

مَوجَتَانِ

تُعادِلانِ الماءَ يَجْري في عُروقِ الأزمِنَهْ..

قدْ نَلْتَقي..

أو نُمْهِلُ الأيامَ

حتى تَسْتَعِيدَ بهاءَها القُدْسِيَّ

فينا..

لا نَؤُولُ إلى نِهاياتٍ

وَنَحْتَضِنُ البِدايةَ

فالبِدايةُ أُمُّنا..

أو ربَّما ابْنَتُنا التي

حَمَلَتْ بها الرُّوحُ القَصِيَّةُ

في فَضاءاتِ اسمِك الآتي

منَ الفَرَحِ الحزينِ ..

وإذا الْتَقَيْنَا

فَاخْضِلالٌ في الجِهاتِ ..

تَوهُّجٌ في الأُمنياتِ ..

وَبسْمةٌ

أو دمْعةٌ

لا فَرْقَ بَينَهُما

إذا احْتدَمَ التَّألُّقُ في العُيونِ..

لا شيءَ يَدْعو لِلفَراغِ

إذا تَأَمَّلْنا التَّحوُّلَ

في صدى أيلولَ

والأمطارُ تَهْطِلُ

لا تُبَلِّلُ ما ارْتَدَيْنَا

مِنْ ثِيَابِ نِهايَةِ الصيفِ الغريبِ..

وإنَّما في العُمقِ يَبْتَلُّ الحريرُ..

وَسَوسَناتُ الخَوفِ مِنْ وَجَعٍ مَضى..

ويَمامةُ الحُلُمِ الشَّفِيفِ

وما انْقَضى

مِنْ أُمسياتِ الاِمْتِلاءِ بِكَوثَرِ الأشواقِ..

وَقتٌ مُتْرَعٌ

يَسْعَى إلينا عندما نَدْعُوهُ..

لكنْ كُلَّما اقْتَرَبتْ

ظِلالُكِ منْ ظلالي

أشرقتْ شمسٌ..

ومَدَّتْ حُزنَها

مهْداً لِمُنْصَهِرٍ تُقَطِّرُهُ الليالي

منْ عُروقي..

لم تكنْ كلماتُكِ الأُولى

سِوى لُغتي التي احْتَضنَتْ وُلُوعي

بِالأُنوثةِ حِينَ تَدْفَعُني

لأَكْتُبَ بالزَّنابِقِ

فوقَ صوتِ الياسَمينِ

قصيدةً

لِتَوَهُّجِ الذَّاتِ الخَفِيَّةِ

تحتَ أمواجِ السكونِ..

الوقتُ مُمتَلِئٌ بنا..

والدربُ مُنْبَسِطٌ لَنا..

لكنَّنا

لَسْنا هُنا..

كُلٌّ يُوَحِّدُ ما تَفرَّقَ منْ مشاعرِهِ

وَيَنْحِتُ وَجْهَ حاضِرِهِ

بِحَجْمِ تَألُّقِ القَمَرَينِ فينا..

لا نُفَسِّرُ ما جرى..

بلْ نَكْتَفِي بِالاِنْحِناءِ

لِمَا يُهَيِّجُهُ الخريفُ منَ الحمائمِ

حينَ يُسْكِرُها

فَتَقْتَرِفُ الهديلَ

على مَتَاهَاتِ الغُصُونِ..

أنا رُبَّمَا مُسْتَأْنِسٌ

بِنُوَاحِ أيلولَ المُثِيرِ

لِفَقْدِنَا نُورَ الجُنُونِ..

لكنَّنِي سَأكُونُ أَفْضَلَ

لو وَجَدْتُكِ

مِثْلَمَا قدْ كُنْتِ

هادِئَةً

ومُشْعِلَةً

حَنِينِي …