أجدك إن نعم نأت أنت جازذع

أَجِدَّكَ إن نُعمٌ نَأَت أَنتَ جازِذعُ

قَدِ اِقتَرَبَت لَو أَنَّ ذَلِكَ نافِعُ

قَدِ اِقتَرَبَت لَو أَنَّ في قُربِ دارِها

نَوالاً وَلَكِن كَلُّ مَن ضَنَّ مانِعُ

وَقَد جاوَرَتنا في شُهورٍ كَثيرَةٍ

فَما نَوَّلَت وَاللَهُ راءٍ وَسامِعُ

فَإِن تَلقَيَن نُعمى هُديتَ فَحَيِّها

وَسَل كَيفَ تُرعى بِالمَغيبِ الوَدائِعُ

وَظَنّي بِها حِفظٌ لِغَيبي وَرِعيَةٌ

لِما اِستُرعِيَت وَالظَنُّ بِالغَيبِ واسِعُ

وَقُلتُ لَها في السِرِّ بَيني وَبَينَها

عَلى عَجَلٍ أَيّانَ مَن سارَ راجِعُ

فَقالَت لِقاءٌ بَعدَ حَولٍ وَحِجَّةٍ

وَشَحطُ النَوى إِلّا لِذي العَهدِ قاطِعُ

وَقَد يَلتَقي بَعدَ الشَتاتِ أُولو النَوى

وَيَستَرجِعُ الحَيَّ السَحابُ اللَوامِعُ

وَما إِن خَذولٌ نازَعَت حَبلَ حابِلٍ

لِتَنجُوَ إِلّا اِستَسلَمَت وَهيَ ظالِعُ

بِأَحسَنَ مِنها ذاتَ يَومٍ لَقيتُها

لَها نَظَرٌ نَحوي كَذي البَثِّ خاشِعُ

رَأَيتُ لَها ناراً تُشَبُّ وَدونَها

طَويلُ القَرا مِن رَأسِ ذَروَةَ فارِعُ

فَقُلتُ لِأَصحابي اِصطَلوا النارَ إِنَّها

قَريبٌ فَقالوا بَل مَكانُكَ نافِعُ

فَيا لَكَ مِن حادٍ حَبَوت مُقَيَّداً

وَأَنحى عَلى عِرنَين أَنفِكَ جادِعُ

أَغَيظاً أَرادَت أَن تُخِبَّ جِمالُها

لِتَفجَعَ بِالأَضعانِ مَن أَنتَ فاجِعُ

فَما نُطفَةٌ بِالطَودِ أَو بِضَرِيَّةٍ

بَقِيَّةُ سَيلٍ أَحرَزَتها الوَقائِعُ

يُطيفُ بِها حَرّانُ صادٍ وَلا يَرى

إِلَيها سَبيلاً غَيرَ أَن سَيُطالِعُ

بِأَطيَبَ مَن فيها إِذا جِئتَ طارِقاً

مِنَ اللَيلِ وَاِخضَلَّت عَلَيكَ المَضاجِعُ

وَحَسبُكَ مِن نَأيٍ ثَلاثَةُ أَشهُرٍ

وَمِن حَزَنٍ أَن زادَ شَوقَكَ رابِعُ

سَعى بَينَهُم واشٍ بِأَفلاقِ بِرمَةٍ

لِيَفجَعَ بِالأَظغانِ مَن هُوَ جازِعُ

بَكَت مِن حَديثٍ بَثَّهُ وَأَشاعَهُ

وَرَصَّفَهُ واشٍ مِنَ القَومِ راصِعُ

بَكَت عَينُ مَن أَبكاكَ لا يَعرِفُ البُكا

وَلا تَتَخالَجكِ الأُمورُ النَوازِعُ

فَلا يَسمَعَن سِرّي وَسِرَّكِ ثالِثٌ

أَلّا كُلُّ سِرٍّ جاوَزَ اِثنَينِ شائِعُ

وَكَيفَ يَشيعُ السِرُّ مِنّي وَدونَهُ

حِجابٌ وَمِن دونِ الحِجابِ الأَضالِعُ

وَحُبٌّ لِهَذا الرَبعِ يَمضي أَمامَهُ

قَليلُ القِلى مِنهُ جَليلٌ وَرادِعُ

لَهوتُ بِهِ حَتّى إِذا خِفتُ أَهلَهُ

وَبَيَّنَ مِنهُ لِلحَبيبِ المُخادِعُ

نَزَعتُ فَما سِرّي لِأَوّلِ سائِلٍ

وَذو السِرِ ما لَم يَحفَظِ السِرَّ ماذِعُ

وَقَد يَحمَدُ اللَهُ العَزاءَ مِنَ الفَتى

وَقَد يَجمَعُ الأَمرَ الشَتيتَ الجَوامِعُ

أَلا قَد يُسلّى ذو الهَوى عَن حَبيبِهِ

فَيَسلى وَقَد تُردي المَطِيَّ المَطامِعُ

كَما قَد يُسلّى بِالعِقالِ وَبِالعَصا

وَبِالقَيدِ ضِغنُ الفَحلِ إِذ هُوَ نازِعُ

وَما رَاعَني إِلّا المُنادي أَلا اِظعَنوا

وَإِلّا الرَواغي غُدوَةً وَالقَعاقِعُ

فَجِئتُ كَأَنّي مُستَضيفٌ وَسائِلٌ

لِأُخبِرَها كُلَّ الَّذي أَنا صانِعُ

فَقالَت تُزَحزِح ما بِنا كُبرُ حاجَةٍ

إِلَيكَ وَلا مِنّا لِفَقرِكَ راقِعُ

فَمازِلتُ تَحتَ السَترِ حَتّى كَأَنَّني

مِنَ الحَرِّ ذو طِمرَينِ في البَحرِ كارِعُ

فَهَزَّت إِلَيَّ الرَأسَ مِنّي تَعَجُّباً

وَعُضِّضَ مِما قَد فَعَلتُ الأَصابِعُ

فَأَيُّهُما ما أَتبَعَنَّ فَإِنَّني

حَزينٌ عَلى إِثرِ الَّذي أَنا وادِعُ

بَكى مِن فِراقِ الحَيِّ قَيسُ بنُ مُنقِذٍ

وَإِذراءُ عَينَي مِثلِهِ الدَمعُ شائِعُ

بِأَربَعَةٍ تَنهَلُّ لَمّا تَقَدَّمَت

بِهِم طُرقٌ شَتّى وَهُنَّ جَوامِعُ

وَما خِلتُ بَينَ الحَيِّ حَتّى رَأّيتُهم

بِبَينونَةَ السُفلى وَهَبَّت سَوافِعُ

وَإِنّي لَأَنهى النَفسَ عَنها تَجَمُّلاً

وَقَلبي إِلَيها الدَهرَ عَطشانُ جائِعُ

كَأَنَّ فُؤادي بَينَ شِقَّينِ مِن عَصاً

حِذارَ وُقوعِ البَينِ وَالبَينُ واقِعُ

يَحُثُّ بِهِم حادٍ سَريعٌ نَجاؤُهُ

وَمُعرىً عَنِ الساقَينِ وَالثَوبُ واسِعُ

فَقُلتُ لَها يا نُعمَ حُلّي مَحَلَّنا

فَإِنَّ الهَوى يا نُعمَ وَالعَيشُ جامِعُ

فَقالَت وَعَيناها تَفيضانِ عَبرَةً

بِأَهلِيَ بَيِّن لي مَتى أَنتَ راجِعُ

فَقُلتُ لَها تَاللَهِ يَدري مُسافِرٌ

إِذا أَضمَرَتهُ الأَرضُ ما اللَهُ صانِعُ

فَشَدَّت عَلى فيها اللِثامَ وَأَعرَضَت

وَأَمعَنَ بِالكُحلِ السَحيقِ المَدامِعُ

وَإِنّي لِعَهدِ الوُدِّ راعٍ وَإِنَّني

بِوَصلِكَ ما لَم يَطوِني المَوتُ طامِعُ