التداعي الثاني

يا حبيبي

قتلوني خمس مرات و أعطوا جثتي للأغنيات

يا حبيبي خمس مرات

وصوتي في تضاريس اللغات

يا حبيبي

أذكر الآن : ( صباح الخير يا ذات العيون الخضر

يا طعم السفر )

وتماديت : ( أطلي

شرفتي تتسع اليوم لاثنين يحبان السهر )

أذكر الآن ولم يكتمل الحب

تعرضت لقصف المخفر السري قضاءً وقدر

وتبادلت مع الموت الصور

وضعوا الطلقة في عيني وقالوا

قلت : لا وتحملت الألم .

يا حبيبي

جثتي لا تعرف التاريخ والعنوان

فاعذرني

ففي فبراير الثلجي ضيعت احتضاري

مطر ثوري أعطى معطفي لوناً

وقلبي في جواري

واقفاً أرتجل الأشعار في فبراير الشعبي مختالاً

وموتي في انتظاري .

يا حبيبي

أعلنوا أن الشتاء

خارج القانون والأشعار ضد الشمس

أعطوا قصتي للانفجار

فتحاملت على الأشلاء في صمت

ولونت انتصاري

يا حبيبي

قلت : لا وتحملت الألم .

يا حبيبي

عندما يستيقظ الماء من النهر

سأبكي فرحاً

فلقد حاولت أن أنتشل الماء من الغفلة

كنت الخيط

كنت السمك الأزرق والزورق

أرخيت شجون الماء

أوشكت ولكن يا حبيبي

أدركوني سمكاً جف

وخلوا خشب الزورق في حلقي

وقالوا قلت : لا وتحملت الألم .

يا حبيبي

ما الذي أدخلني في نرجس الأسرار

والضوء البعيد

والذي أسس ريش الجوع في قلبي

وأعطى للنشيد

والذي . أذكر

من يدخل في مستقبل الأيام لا ينسى

وما كنت وحيد

يا حبيبي

كانت الدقات لا تأتي مع الإيقاع

والساعة في منتصف الليل

وطفلي في حرير الحلم منساباً

وكنا يا حبيبي

كانت الدقات في دربي

وكانت تذبح الأطفال

فانداحت يدي في الوقت

ضد الوقت

كانت يا حبيبي

آخر الدقات في قلبي

وقالوا إن وقت الدولة الرسمي

قالوا يا حبيبي

قلت : لا وتحملت الألم .

يا حبيبي

خمس مرات وعمال المطار

رفضوا أن يفتحوا الأرض لغزو الطائرات

رفضوا واستقبلوني

وأعانوني على رسم النهار

ضاحكاً في خبز أطفالي

وأفراح الجنون

خمس مرات وقلبي في انتظار

والتي تسهر في راحاتها حتى الندى

كانت عيوني

وتذكرت

وعمال المطار

أخذوا من وجع الإسفلت في المدرج درساً

و أحالوني على مستقبل الأيام

مخفوراً بهتف القبرات

يا حبيبي

قبل أن أدرج في أرض المطار

صادروا كل الفراشات وقانون السفر

أدركوني قبل أن أحكي لعمال المطار

وجع الطير الذي قال ( صباح الخير ) للأطفال

قبل الصبح واجتاز النهر

أدركوني وأنا منتعش في طرف الفعل

قضاء وقدر

وضعوا السكين في الجرح

وقالوا فتحملت الألم .

يا حبيبي

أذكر الآن رحيلي عاصفاً ذات مساء

وطني مختبئ في الجسد المرضوض

في صدري في قلبي

في خفقته الأولى قبيل الموت

وحدي هادئاً ذات مساء

يا حبيبي

لم تضق بي هذه الآفاق

لكن المغني

يبحث الآن عن الدفء ويدعو للغناء

لم أجد في ذلك الليل سوى ثقب صغير

خلته بوابة العالم

فانهالت خطاي الباردات .

يا حبيبي

ما الذي يفعله المهدور غير الركض رعباً

في تضاريس اللغات

يا حبيبي

لم أكن وحدي وحيداً هادئاً أعصف في ذات مساء

وطني في اللهث

في الخطوة نحو الثقب

كان الثقب باب الكون في عيني

فألقيت بكل التعب الدهري في الركض

رأيت الثقب ماء

يا حبيبي

ما الذي يفعله العاشق مقتولاً

سوى الرقص مع الموت المؤدي للحياة

واقتربت

الثقب في عيني ووحدي في عيون الثقب

وحدي للحياة

يا حبيبي خلته ..

لكنه كان عيون البندقية

… وتناسيت البقية .

مارس 1979