خديجة زعفران لمنديلها

هذيت بنا منذ ليلين ،

كنا هذيناك

كانت خديجة مفؤودةً بالغياب

هتفنا نسلي لها القلب ،

عينان مأخوذتان وتاريخها فضة النوم .

رأت ، أو تراءى لها ما رأت، زوجةً لإبنها ،

رأت ، أو هـذت ، أو هذينا لها.

قيل لها : يا خديجة ..

هذا صغيرك العاشق الفتي .

.. هيئ لك خذيه،

لئلا تأخذه الفتنة بالناس إلى خمرة التهلـكة.

يا خديجة ، وأغويه ،

فليس له مهب سواك .

قيل لها ،

و كانت في الشهوة ،

في بهجة الصهد يتفصد تحت وطأة الكلام ،

في الريح وهي تمزج الطلع بالهواء ،

في بيت الحريق وهو يمحو ،

في ليلـها ، واهب الكوابيس ،

في ردهة الكهف ، فوهة للخراب .

يا خديجة .. هذا فتاك ،

طريد الزنازن والحانات

خـذيه ، واجعليه خدينك الأثير ،

ودثـريه بشغفـك الباذخ

يدحمـك ، و يمنح نسلـك المجد ،

خذيه ، و اسدلي وشاحك في مهده ومثواه .

صغيرك الغر و فتاك الفاتن وفارسك المأخوذ بترف المعنى .

قالوا ، يا خديجة ،

فـضي طفلـك المفتون

كي يجتاز محنتـه و يبرأ من رخام الكهف ،

فـضي وحشك المذعور كي يهوى .

و قالوا ، ضمخي شفتيه بالرؤيا لكي يهذي

و قالوا ، زيني بالزعفران يديه أو خديه .

مكتوب لـه .. يبكي لـك ،

وله القطيفة وانخطاف الزيت في القنديل

و القفطان يبلى في بكاء النار .

قالوا ،

تسمعين اليوم فرحته الذبيحة وهو يزخر بالنصال

و كلما يهذي ، يرى القتلى وينتهب الطريق لهم

و أنت في انتحاب البرزخ اليومي بين الدفن و الأعراس

قالوا ، يا فرات الناس

وحدك تسمعين الماء يشخب دونـه و يموت من عطش ٍ

و وحدك تنهلين النوم والأحلام .

سوف ينتاب الفتى هذيانـه ، ويقوده مـلـك ،

وتغفو أمة في ثوبـه ،

و ملاكـه السري يمضي شاهقاً وجلاً ،

وبين يديك يكتب ليلنا الأزلي ،

بين يديك .. يهذي

عندما يهوي إليك

وكلما يهذي ويهدم هيكلاً ،

يهذي .. ويبنينا .. و يهدمنا ..

يرى مستقبلاً فينا .

يهذي ،

عندما تخلو يداه من القرنفل و الحديد ،

وعندما يسري به ماء الحديقة

ينتشي في ثوبه ،

يحنو على كـتبٍ ويمحو قهوةً و يظل يهذي.

ربما تنتابه الرؤيا و يجترح المعاجز ،

يهتدي بالبرق

كي تـرمي السماء عباءة الفوضى وتنتخب الكتابة،

عله يزهو بها.

فلربما منحته أسماء وترياقاً لًيقرأ ،

ربما طارت به الحمى

ونـز الضوء من أطرافه ،

و مضى يهلهل سره في بهجة الأسماء،

ليلاً هاطلاً في زمهرير الروح ،

يهذي مثلما تفشي غيوم حبها للأرض