ضائع ويضيع

1

أضع الوقت على الطاولة وأفتح باب الغابة : ( شخص يضيع )

ثمة شخص آخر ينهرني .

أتحسس العشب بقدمين عاريتين ،

جليد يتقصف بين لحمٍ يرتعش وعشبٍ طازجٍ يتفلت.

يأخذ الشخص نصف أوكسجين الغابة

بشهيقٍ عميقٍ ٍوينقذف مثل طائرٍ في فضاءٍ يخلع الثلج .

يستجيب للنداء الغامض ، يترك السبل المطروقة

ويذهب في كمائن أخطأتها الطرائد ،

يفسد خطط الشراك ويفضح الشباك المموهة

فتستيقظ شهوة الطير والهواء.

يضيع ، ويضلل الأطياف ،

يلهث ،

زفيره يسبق خطواته مغموراً بغيمة الرؤى

تكاد أن تنهمر على سترته المعفرة بليلٍ عابثٍ،

يضيع ، كأنه يرى .

بغتةً يكتشف البحيرة تحدق به،

قدماه مغروستان حتى الكاحلين

في جليدٍ يتهشم ويفيض في قدمين مجنحتين بالفراشات .

ذئب يضل الطريق نحو الجبل .

وحين تدركه شهوة الأوج يلقي بجسده في تعبٍ

ويدير رأسه بغطرسة من يتفقد أطيانه.

يطير في وجهه جناح مدلهم فيفر ،

كمن يسعف جسده من وهدةٍ وشيكة.

( شخص يخرج من غيبوبة الناس

ليضيع في غابة نفسه )

ثمة شخص آخر هناك .

ينتشل قدميه من قبضة الجليد،

كمن يسحب جذوره من مكان .

( هذا صباح جدير بغموض الفتنة،

أهرب من غربتي إلى ضياعي )

يتقدم ، مبتعداً عما يعرف ،

ذاهباً إلى ما يريد .

2

من أنت ؟!

وحدك في الوحشة لا تعرف من أنت ،

يجهلك الأحفاد ، مثل أسلافٍ يزعمون جهلك .

تفتح الطرق في ثلجٍ ينحسر ،

تتثاءب حولك الغصون

ولا ينثني العشب تحت قدميك .

خفيف ،

زفيرك يرسم تاج الملاك وتزدريك الزواحف

لفرط مروقك .

لكنك تضيع وتقتحم ،

ينتظرك ذئب يهجس بقدومك

ترأف بك البراثن مكتشفاً ،

مثل شخصٍ يسأل : ( من أنت ؟! )

فتدرك الصوت .

تسأل : ( من أنا ؟ )

تمتلك الغابة ، مستسلماً للتحدي .

شخص ضائع .. ويضيع .