شكوى الغريب

قضَتِِ الصبابةُ، وانقضى الأمرُ

يا ناكثًا عهدي لك الشكرُ

ما ضرَّني هجرُ الحبيب، ومَنْ

هجرَ الهوى، ما ضرَّهُ الهجْر

ناءٍ عن الأوطان يفصلُني

عمَّن أُحبُّ البرُّ والبحر

في وحشةٍ لا شيءَ يؤنسُها

إلاَّ أنا والعُودُ والشعر

حَولي أَعاجمُ يرطُنُون فما

لِلضَّاد عند لِسانهم قَدْر

لو عاش بينهُمُ ابنُ ساعِدةٍ

لَقضى ولم يُسمَعْ له ذكْر

ناسٌ، ولكنْ لا أنيسَ بهم

ومدينةٌ، لكنَّها قفر

الشمسُ للأكوان ضاحكةٌ

عن باهر الأنوار تَفْترّ

والطيرُ تُرسلُ شدوها طربًا

فيُجيبُها بخريره النهر

أمَّا أنا، والغمُّ كبّلني

صخرٌ يُحسُّ، وليتني صَخر

عجبًا، وكم في الأرض من عَجبٍ!

بين السعادة والشقا فِتْر

لاَ تعْتُبَنَّ الدّهرَ في كدرٍ

إنَّ المُسَبِّبَ أنتَ لا الدهر

ما ذقتَ من فرحٍ ومن ترحٍ

هو منك، فالدُّنيا هي الصدر

لا تَبطرَنَّ، ولا تمتْ جَزعًا

لا الخيرُ مكتمِلٌ، ولا الشرّ

ضوءُ النهار تشوبه سُحبٌ

وتلوحُ في جُنح الدُّجى الزُّهْر