الحب والجيتو

(1)

يافا مدينتي

مداخنُ الحشيش ِ في “يافا” توزِّعُ الخدر

والطُرُقُ العجافُ حُبلى .. بالذبابِ والضجرْ

وقلبُ يافا صامتٌ … أغلقهُ حجرْ

وفي شوارعِ السماء … جنازةُ القمرْ

//

//

يافا بلا قلب اذنْ ؟!

يافا بلا قمرْ !؟

يافا .. دمٌ على حجر ؟!

يافا التي رضعتُ من أثدائها حليبَ البرتقال ْ

تعطشُ ؟!! .. وهي من سقتْ أمواجُها المطرْ !

يافا التي رضعتُ من أثدائِها حليبَ البرتقالْ

ذراعها شُلّتْ ؟

وظهرُها انكسَرْ؟!

يافا .. التي كانتْ حديقة ً أشجارُها الرجالْ …

//

//

( يافا لمن يجهلها –كانت مدينة ً

مهنتُها تصديرُ برتقال ْ

وذات يوم ٍ هُدمَتْ .. وحوّلوا

مهنتَها .. تصديرَ لاجئينْ)

*****

(2)

 “يافا” … المشردة !

وكنت في يافا … ألمُّ عن جبهتِها الجرذانْ

وأرفعُ الانقاض عن القتلى

بلا روس ٍ بلا رُكَبْ

وأدفنُ النجومَ في رحم ِ الرمال ِ

والأشجارِ

والجدران ِ

وأسحبُ الرصاص من عظامِها

وأمتصُّ الغضبْ

وأنتقي جديلة ً قتيلة ً أفرُمها

ألفُها سيجارةً

أشعلها .. وأجرعُ الدخانْ

لأستريحَ لحظة ً .. بلا سببْ !

………………..

لحظتَها صبيةٌ تبحَثُ عن عنوانْ

جاءَت مع الأمواجْ

هودجُها لوحٌ من الخشبْ

يركُضُ خلفَها القبورَ واللهبْ

كان اسمُها كاسم ِ مدينتي ..

يافا اسمُها

تاريخُها : ستة ُ أرقامٍ على ذراعِها

وأربعونَ مليونا ترمّدوا ترمدَ الحطب

جميلة ٌ كانت كأنها مدينتي

مهدومة ً .. كأنها مدينتي

كانَّ ما مرَّ بنا …

مرّ بنا لنلتقي ؟!

ثمَ نُحبْ ؟!

*****

(3)

الفرن

الشمسُ صاحية

وحينَ تصحو الشمسُ يمطرُ الظلامْ

الشمسُ صاحية

والليلُ في طريقِنا مهرٌ بلا لِجامْ

لكن َ في عتمتنا فرناً فتى

نيرانُهُ مُراهقة

ما برحَ الحليبُ في أسنانِهِ

لكنهُ يقلدُ العمالقة

……………..

قيلَ لنا :

” طعامُهُ التُرابُ .. سهلٌ .. جبلٌ .. أو مقبرةْ “

قيلَ لنا:

” تَحلاتُه بعدَ العشاءِ” :

فكرةٌ

أو قلمٌ

أو محبرهْ “

قيل لنا … قيل لنا …

لكنَ ” يافا” همست ْ :

” لعلَ هذا الفرنَ يعطينا شهابَ نارْ

به نضيءُ دربنا

عليهِ نشوي خبزَنا

جرَّبتَ أفرانَ الكبارْ

جرِّب أفرانَ الصغارْ

قلتُ “ليافا” :

التهمَ الفرنُ جميعَ ما أملكهُ من الترابْ

لم يبقى من الارض سوى أنا …

لذا أريدُ أن أعيشْ !

على تُرابِ بدني

يثمرُ طفلاً …. من جديدٍ يُبعِثُ التُرابُ “

فتمتمتْ :

” يقال هذا الفرنُ قام حتى يصنَعُ الأطفال

لعلهُ من حُبِنا يثمرُ طفلاً .. فتعالْ؟!”

*****

(4)

الفران

قالَ لنا الفرانْ:

” هذا الفرنُ لي

ودفئُهُ وقفٌ على شعبي “

قُلنا له :

ما نحنُ الا تائهَينْ

نبحثُ في الادغال ِ عن دربِ “

قال لنا الفرانُ :

” قانوني هُنا :

للحبِ قومية

في المئةِ العشرينِ .. يشوي الحُبُ في فرن ِ الكراهية “

قلنا له :

صاحَ بنا … وأشعَلَ النيرانْ

صاحَ بنا … وأشعَلَ النيرانْ

صاحَ بنا … ولم نجبْ ! أخرسَنا الدخانْ

*****

(5)

في المحرقة

· صرخة أولى

مدينتي يافا …! الحريقُ في مفاصلي

أينَ حليبُ البرتقال يطفأ الحريق ْ ؟!

حبيبتي “يافا” ..! الطريقُ أُغلقت

أينَ دموعُ الحبِ … تفتحُ الطريق ْ ؟!

لكنَ “يافا” لم تجبْ …

وحينَ نادَتْ لَم أُجبْ …

والفرنُ يشوي لحمنا … يحرقُ حُبَنا

أحطابُهُ عظام ُ لاجئينَ في عيونِنا

صرخة ثانية

يا شرطيَّ الله … هل سلختَ ساعدي

لترفعَ السواعدَ التي مزقها سواي ؟

يا شرطيَ الله ِ … هل قتلَ كواكبي

سيُشعلُ الكواكب َ التي أطفأها سواي ؟

يا شرطيَ الله حيثُ كنتَ :

في التوراةِ

في نيويورك

في لندنَ

في باريسْ

يا مُختارَ … يا رسولَ

هلا وشمتَ ساعدي بآيةٍ تقول ْ

” هذا الفتى كنت كان لهُ

جلدٌ .. أنا سلختُهُ .

كان َ لهُ نجمٌ … أنا أطفأتُهُ

ووطنٌ قتلتُهُ …

كنتُ بلا جلدٍ .. بلا نجم ٍ .. بلا وطنْ

أحرقني النازي …

فليدفع هذا الفتى الثَمن ” ؟

هلا … !؟

…………………..

( ” يافا ” التي حسبتُها لاجئة ً معذبه

تُحبُ من يافا مدينتي

حجارةٌ بها تحكُ الرقمَ عن ذراعٍها

لكنها مخطئةٌ ان حسبتْ

حجارةً مسروقةٌ تبني خلايا جَرحِها )

*****

(6)

القبرُ والصليب

يا ليلَنا …

يا جملا ً تركبُهُ النجومُ والسحاب ْ

“يافا” التي تاريخُها

رقمٌ على ذراعِها

تبني على يافا مدينتي

” جيتو بلا أبواب ْ”

يا ليلَنا …

يا جملا ً محملا بالنارِ والدخان ْ

“يافا” التي جاءَت مع الأمواج

تؤمن ُ أنَها الله … أنني القُربان

………………..

يا ليلَنا…

بعدَ قليلٍ يصعدُ الفجرُ على رُبى الصخورْ

وتجرحُ الصخورُ صدرَهُ … فيضحكُ

العصفورْ

ساعتَها – “يافا” المهاجرة

“يافا” المغامرة

سترفعُ الصليبَ لي

في قمة ِ الجبل ْ

وأحفرُ القبرَ لها

في أسفل ِ الجبل

……………..

ساعتَها يا ليلْ …

أحلُمُ أني سأظلُ لحظةٌ أو لحظتينْ

منتظرا ً يافا

يافا الحقيقة

يافا حبيبتي

يافا مدينتي

وعندها يا ليلْ …

سوفَ أظلُ حالماً

منتظراً يافا انتظارَ الطفل ِ للحليبْ

لعلها تسألْ :

” أبعدَ كُل ما جرى …

لا بُدَّ من قبر ٍ ومن صليب ؟!”