ثورة على سفر

(1)

ما الذي ظلَّ من الثورات….

من أجمل أحلامي القديمةْ

غير آثار وليمةْ

ونجوم فوق أكتاف الذين امتهنوا

شرح الهزيمةْ؟!

ما الذي ظلَّ سوى جيش مقالات حبالى

بحسابات بنوك

وتفاسير لتبرير الجريمةْ؟!

ما الذي ظلَّ…

سوى مطربةٍ إن ولولت: “حيفا ويافا”

عرق البنك دنانير من القدس القديمةْ؟!

مال الذي ظلَّ…

سوى أن نبدأَ الثورةَ من أولِ حرفٍ

ما الذي ظلَّ…

سوى قتل الجريمةْ؟!

(2)

تبدأ الثورة في عينين من دون وطنْ

تبدأ الثورة..

فلاحاً بلا أرضٍ

وبوليساً له أرضٌ

وأرضاً…

كل ما فيها انسجنْ

تصنع الثورة لما…

يقرأ الأميُّ والكاتب والأعمى الحقيقة

فيصير الحرف من دون ثمنْ

ويصير الرأي من دون ثمنْ

ولهذا يا رفاق:

أنا تعبان من التخدير..

من كل خطابات المماليك العربْ

ومن الرب الذي يسكن في سبع سماواتٍ طباقاً

ذلك الرب الذي لم نبقِ له..

غير تحريم الخنازير وتحيليل الطربْ

أنا تعبان من الرب الذي حوّله جدي

بياعَ جنانٍ وحواري

والذي أصبحَ فرّاناً.. لحرقي

سوف يقضي العمرَ في جمع الحطبْ

ولهذا يا رفاق

أصبحَ الصبرُ تعبْ

أغضبوني

أغضبوني

واغضبوا!

تشتهي الثورة لحظات غضبْ

(3)

ثم ماذا؟….

كنتُ طفلاً…

ولدتني طفلةٌ في السوق

قدّام جميع الكهنةْ

ثم جرّوها إلى السجن وما زالت هناك

طفلةً ممتهنةْ

ولهذا حينما أكتب شعراً أتمزّقْ

ودمٌ من رحم أمي

فوق وجهي يتدفَّقْ

عندها…

ينجنّ شعري باحثاً

عن وجوه الخونَةْ

غير أني…

إن يرحْ أعصابكم كذبٌ…

أصرْ أكذبَ شاعرْ

وأعبّئْ لكم الشعرَ طبولاً… وأكابرْ

وأغني:

أنا شمسٌ لا تهاجر!

وإذا شئتم.. سأسترجع بالشعر بلادي في ثواني –

ولتسامحني بلادي!

ولتسامحني الثواني!

ولتسامحني القوافي والدفاترْ!

غير أني.. يا رفاق

رغم ما في الكذب من شهدٍ

سأبقى العمر.. فلاحاً يكابرْ

أينما يمشي.. تروا ميلاد شاعرْ.

تفرحُ الثورةُ بالناس

ولا يفرح بالثورة إلا قلب ثائرْ

وبلادي ثورةٌ في السجن

لكن…

كلكم فيها سجين

كلكم فيها مسافرْ!

صدّقوني يا رفاق!

وطني ما عاد أرضاً وحقولاً وبيادرْ

وطني أصبحَ ثورة

ثورة تجعل حتى أقدم الثوار.. ثائرْ.