من يوميات شاعر متشرد

( 1 )

إذا كان أدنى المسالك نحو القمم

وأيسرها أن نخون الحقيقه

وأن نستعير القيم

لنقضيِ حاجاتنا ثم نبدلها كالثياب العتيقه

فدعني هنا ، في المهاوي السحيقه

فإني تخيرت درب الألم !

( 2 )

أردت أن أكونْ

ساقيةََََ شفافة تسقي عروق الكرم و الزيتون

تنعكس السماءْ

و أوجه الغيد على مرآتها و خضرة الغصون

لكنني مررت عبر المدن الكالحة الشمطاء

فحملتني الطحلب الآسن و الأوحال و الدماء

و أنبتت اشواكها في جسدي الصحراء

ولم يكن لي حيلة..فهكذا الأنهارْ

تتبع مجراها و لا تمتلك الخيار!

( 3 )

أعرف أن يهوذا باع أخاه و معبوده

بدراهم معدوده

أعرف أن وراء جمال الأزياء و سحر الكلمات ذئاباً مصفوده

أعرف أن الإنسانْ

مازال كما كان

يتمرغ كالدوده

في عالمه الطافح بالأرجاسْ

من أدرىمني بالناس؟

أنا من كوفئت على الحب بأقسى الطعنات ؟

أنا من جوزيت على الطيبة باللعنات ؟؟

من أدرى مني بالناس ؟!

لكني في الحشد الزاخرْ

بين الخائن و القاتل والسارق و الماكر

أبصرت هنا و هنالك بعض الشرفاء

و رأيت هنا و هنالك نبلاً و وفاء

فرجعت وفي النفس بقية إيمان

بزمان تسترجع فيه الأرض براءتها المفقوده

وعرفت أن طريق خلاص الإنسان

ليست مسدوده !

( 4 )

لم أعلن العصيانْ

لكنني أبيت أن أستمرىء الهوان

أبيت أن أقتل في أعماقيَ الإنسان

فلم أقف معدداَ مناقب السلطان

ولم أجئ بلاطه في جملة العبيد و الغلمانْ

مرتدياًَ ملابس المهرج الفاقعة الالوان

ولم يكن ذاك كما ترون – إلا أضعف الايمان

و رغم هذا فأنا الآن هنا ، في قبضة السجان !