هيروشيما

في رأس السنة الجديدة

و كإبن بار

سأجمع البحار و الأشواق و الأفكار الطارئة

و أرسلها بالبريد المضمون

إلى أمِّي

أمِّي التي ما زالت تتنفَّس أوكسجين العبوديَّة

و تلتهم فطائر الإرهاب

منذ أن امتدَّت يد الإنسان إلى الإنسان

و جعلت منه مزرعة لانتاج الحاسبات الالكترونيَّة

في رأس السنة الجديدة

سأجمع الصحف و المقابر و الحانات

الاعلانات و الشوارع و أماكن العبادة

و أعبِّئها بمحفظتي

كما تعبِّىء الفلاَّحات جرار الماء

من الينابيع البعيدة

أدخِّن بهدوء

ناظرًا إلى الفظائع المنتشرة

كانتشار الذباب فوق قطعة حلوى

هنا الماء و هنا الصحراء

هنا العطش حتَّى الارتواء

و هنا الجوع حتَّى التخمة

و هنا باستطاعتك أن تشتري أصابع الأطفال

من الحوانيت

لتعلِّقها في غرفتك

بجانب لوحات فاتح المدرِّس

هنا الماء و هنا الصحراء

هنا القيود الممتلئة

و هنا القلوب النحيلة

و من المطاعم كما في الحقول

من المدافن كما من علب الكبريت

تخرج حجافل الاستعمار

لتكتسح الأناشيد و الأفئدة و أقلام الحبر الجاف

تعالوا… تعالوا

أيُّها الهولنديُّون و الدانمركيُّون و الأمريكيُّون

تعالوا لنشرب القهوة و نتبادل الأنخاب

تعالوا لنحتفل بسقوط القنبلة الذريَّة الثانية

بين عيني هيروشيما

في رأس السنة الجديدة

سأجمع أسماء الطغاة كما يجمعون الطوابع التذكاريَّة

في “ألبوم” ضخم من ورق الأيَّام

أضع فرانكو بجانب سالازار

موسوليني تحت هتلر

السادات أمام سوموزا

سميث بين ساقي سالومي

و أعطيهم حريَّة الموت تحت سنابك التاريخ.