حباني على بعد المدى بتحية

حَباني عَلى بُعدِ المَدى بِتَحِيَّةٍ

أَرى غُصني رَطبَ المَهَزِّ بِها نَضرا

بَرائِيَّةٍ لَم أَدرِ عِندَ اِجتِلائِها

هِيَ الدُرُّ مَنظوماً أَمِ الزَهرُ مُفتَرّا

وَما سِرُّ نَوّارٍ بِمَمطورَةِ الرُبى

تَبوحُ أُصَيلاناً بِهِ الريحُ أَو فَجرا

بِأَطيَبَ مِنها في الأُنوفِ وَغَيرِها

تَجاذَبَها سِرّاً بَنو الدَهرِ أَو جَهرا

أَعِندَكُم أَنّا نَبيتُ لِبُعدِكُم

وَكُلُّ يَدٍ مِنّا عَلى كَبِدٍ حَرّى

وَمِن عَجَبٍ أَنّا نَهيمُ بِقُربِكُم

وَلا زَورَ إِلّا أَن نُلِمَّ بِكُم ذِكرا

نُؤَمِّلُ لُقياكُم وَكَيفَ مَطارُنا

بِأَجنِحَةٍ لا نَستَطيعُ لَها نَثرا

فَلَو آبَ ريعانُ الصِبا وَلِقاؤُكُم

إِذاً قَضَتِ الأَيّامُ حاجَتَنا الكُبرى

فَإِن لَم يَكُن إِلّا النَوى وَمَشيبنا

فَفي أَيِّ شَيءٍ بَعدُ نَستَعطِفُ الدَهرا

فَهَل مِن فَتىً طَلقِ المُحَيّا مُحَبَّبٍ

يَطولُ تَمَنّي السَفرِ أَن يَصحَبَ السَفرا

تُحَدِّثُكُم عَنّا أَسِرَّةُ وَجهِهِ

وَإِن لَم تَصِف إِلا التَهَلُّلَ وَالبِشرا

فَلَو لَم تَكُن تُمسي مَشارِبُ خاطِري

كَما شاءَتِ الدُنيا مُعَكَّرَةٌ كُدرا

لَأَصدَرتُها عَنّي نَتائِجَ مُنجِبٍ

عِراباً كَما تَدري مُحَجَّلَةً غُرّا

عَلى أَنَّني لا أَرتَضي الشِعرَ خُطَّةً

وَلَو صُيِّرَت خُضراً مَسارِحِيَ الغَبرا

كَفى ضِعةً بِالشِعرِ أَن لَستُ جالِباً

إِلَيَّ بِهِ نَفعاً وَلا رافِعاً ضُرّا

يَقولُ أُناسٌ لَو رَفَعتَ قَصيدَةً

لَأَدرَكتَ حَتماً في الزَمانِ بِها أَمرا

وَمِن دونِ هذا غَيرَةٌ جاهِلِيَّةٌ

وَإِن هِيَ لَم تَلزَم فَقَد تَلزَمُ الحُرّا

أَلَم يَأتِهِم أَنّي وَأَدتُ بِحُكمِها

بُنَيّاتِ صَدري قَبلَ أَن تَبرَحَ الصَدرا

مَتى أَرسَلَت أَيدي المُلوكِ هِباتِها

وَلَم يُوصِلوا جاهاً وَلَم يُجزِلوا ذُخرا

فَقَد سَرَّني أَنّي حَرَمتُ عُلاهُمُ

حُلىً مُحكَماتٍ تُخجِلُ الأَنجُمَ الزُهرا