يا عمرو أين عمير من كدى يمن

يا عَمرو أَينَ عُمَيرٌ مِن كُدى يَمَنٍ

لَقَد هَوَت بِكَ يا عَمرو الرِياحُ وَبي

طولُ اِرتِحالٍ وَأَحظٍ غَيرُ طائِلَةٍ

وَغَيبَةٌ ناهَزَت عَشراً مِنَ الحِقَبِ

عادَ الحَديثُ إِلى ما جَرَّ أَطيَبَهُ

وَالشَيءُ يَبعَثُ ذِكرَ الشَيءَ عَن سَبَبِ

إيهٍ عَنِ الكُديَةِ البَيضاءِ إِنَّ لَها

هَوىً بِقَلبِ أَخيكَ الوالِهِ الوَصِبِ

راوِح بِنا السَهلَ مِن أَكنافِها وَأَرِح

رِكابَنا لَيلَها هذا مِنَ التَعَبِ

وَاِنضَح جَوانِبَها مِن مُقلَتَيكَ وَسَل

عَنِ الكَثيبِ الكَريمِ العَهدِ في الكُثُبِ

وَقُل لِسَرحَتِهِ يا سَرحَةً كَرُمَت

عَلى أَبي عامِرٍ عِزّي عَلى السُحُبِ

يا عَذبَةَ الماءِ وَالظِلِّ اِنعَمي طَفَلاً

حُيّيتِ مُمسِيَةً مَيّادَةَ القُضُبِ

ماذا عَلى ظِلِّكَ الأَلمى وَقَد قَلَصَت

أَفياؤُهُ لَو ضَفا شَيئاً لِمُغتَرِبِ

أَهكَذا تَنقَضي نَفسي لَدَيكَ ظَماً

اللَهَ في رَمَقٍ مِن جارِكِ الجُنُبِ

لَولاكِ يا سَرحَ لَم نُبقِ الفَلا عُطُلاً

مِنَ السُرى وَالدُجى خَفّاقَةُ الطُنُبِ

وَلَم نَبِت نَتَقاضى مِن مَدامِعِنا

دَيناً لِتُربِكِ مِن رَقراقِها السَرِبِ

أَخاً إِذا ما تَصَدّى مِن هَوى طَلَلٍ

عُجنا عَلَيهِ فَحَيَّيناهُ مِن كَثَبِ

مُستَعطفينَ سَخِيّاتِ الشُؤونِ لَهُ

حَتّى تُحاكَ عَلَيهِ نُمرُقُ العُشُبِ

سَلي خَميلَتَكِ الرَيّا بِآيَةِ ما

كانَت تَرِفُّ بِها ريحانَةُ الأَدَبِ

عَن فِتيَةٍ نَزَلوا عُليا سَرارَتِها

عَفَت مَحاسِنُهُم إِلّا مِنَ الكُتُبِ

مُحافِظينَ عَلى العَليا وَرُبَّتَما

هَزّوا السَجايا قَليلاً بِاِبنَةِ العنبِ

حَتّى إِذا ما قَضَوا مِن كَأسِها وَطَراً

وَضاحكوها إِلى حَد مِنَ الطَرَبِ

راحوا رَواحاً وَقَد زيدَت عَمائِمُهُم

حِلماً وَدارَت عَلى أَبهى مِنَ الشُهبِ

لا يُظهِرُ السُكرُ حالاً مِن ذَوائِبِهِم

إِلا اِلتِفافَ الصَبا في أَلسُنِ العَذَبِ

المنزلينَ القَوافي مِن مَعاقِلِها

وَالخاضِدينَ لَدَيها شَوكَةَ العَرَبِ

غادَوا بِحَلبَتِهِم مِكناسَةً فَغَدَت

بِغُرِّ تِلكَ الحُلى مَعسولَةَ الحَلَبِ

وَلا كَمكناسَةِ الزَيتونِ مِن وَطَنٍ

أَحسِن بِمَنظَرِها المُربي عَلى العَجَبِ

لَو شِئتَ قُمتَ مَعي يا صاحِ مُلتَفِتاً

إِلى سُوَيقَةَ مِن غَربِيِّها الخَربِ

هَلِ الرِياحُ مَعَ الآصالِ ماسِحَةٌ

مَعاطِفَ الهَدَفِ المَمطورِ ذي الحَدَبِ

وَهَل بِغُرِّ اللَيالي مِن مُعَرَّجَةٍ

عَلى المَسِيلَةِ مِن لَيلاتِها النُخَبِ

وَهَل صَبيحاتُ أَيّامٍ سَلَفنَ بِها

يَبدو مَساها وَلَو لَمحاً لِمُرتَقِبِ

مِنَ المَقاري الَّتي سالَت لِمُبصِرِها

مِن فِظَّةٍ وَعَشاياهُنَّ مِن ذَهَبِ

بيضٌ مُوَلَّعَةُ الأَسدافِ عاطِرَةٌ

أَشهى مِنَ اللَعَسِ المَنضوخِ بِالشَنَبِ

يا صاحِبي وَيدُ الأَيّامِ مُثبِتَةٌ

في كُلِّ صالِحَةٍ سَهماً مِنَ النُوَبِ

غِض عَبرَتَيكَ وَلا تَجزَع لِفادِحَةٍ

تَعرو فَكُلُّ سَبيلٍ مِن سَبيلِ أَبِ