إحساس مضطرب

أمسِ ،

قلتُ : انتهتْ سنواتُ العذابْ

أنا ظَهري إلى حائطٍ

والقبورُ أمامي بغَربيِّ لندنَ

والفجرُ ، دوماً ، ضَبابْ .

…………

أمسِ ، قلتُ…

ولكنّ تلكَ الصنوبرةَ المستقيمةَ في البُعدِ ، لم تَتَّركْ لي ،

ولو لحظةً ، شاطئاً للتأمُّلِ. تلكَ الصنوبرةُ استقدمتْ ،منذُ

يومينِ كِيزانَها وثعالبَها والسّناجيبَ والطيرَ،

واستقدمتْ غيمةً تستقرُّ على جبهتي ، ثم نَسراً بأجنحةٍ

من هُلامِ ، ومَدّتْ على مَدخلِ البيتِ أغصانَها

وهي مضفورةٌ كالشِّباكِ الخرابْ.

انتظرتُ…

الصباحُ انقضى. واستراحتْ على الشُّرُفاتِ الظهيرةُ.

قَلَّتْ على الشارعِ الحافلاتُ.ولم يبقَ إلا المساءُ .

اقتنعتُ بأني سجينٌ ، وأنيَ لا أكرهُ السجنَ

( فالمرءُ يألَفُ ) قالَ لنا المتنبِّيءُ. في بغتةٍ ألمحُ الشيبَ

يَنبتُ في راحتَيَّ. الكلامُ العجيبُ ، إذاً، قد تَحقّقَ.

ها أنذا ألمحُ الشيبَ، فعلاً، على راحَتَيَّ،بلونِ الترابْ.

انتظرتُ…

الصنوبرةُ استجمعتْ ، كالرياضيِّ، أنفاسَها. والصنوبرةُ

اندفعتْ بثعالبِها والسناجيبِ والغيمِ والطيرِ والنَّسرِ ….

وال…وال…

وراحتْ تدقُّ على البابِ مجنونةً ، تتقاذَفُ كيزانُها؛

والفروعُ على جبهتي إبَرٌ واضطرابْ.

أنا ظَهري إلى حائطٍ…

والقبورُ أمامي بغربيِّ لندنَ

والفجرُ ، دوماً ، ضبابْ .