ذبذبات

للخريف الذي ظلَّ يمضي ، لآخِرِ أوراقهِ ، تهمسُ الريحُ في مطرٍ ناعمٍ.

أنا أسمعُ ما تَنطقُ الريحُ . ألْمُسُ ما تَحملُ الريحُ . أغْمسُ

هُدبي بأمواجها . القريةُ ارتحلتْ منذُ قَرنٍ ، وهاأنت ذا  لا ترى غيرَ

مقعدها الخشبيّ الوحيدِ ، وساحتِها الخاويةْ .

قد كنتُ هيّأتُ الشعاراتِ العشيّةَ . سوف يأتي أحمدُ النجديُّ حتماً

بالعِصِيّ . وسوف تنطلقُ المظاهرةُ الظهيرةَ حينَ تزدحمُ الأزقّةُ

في محيط السُّوقِ .أيُّ منازلٍ ستقول : أهلاً ، حينَ ينطلقُ الرصاصُ؟

كأنّ ضَوعاً من حدائقَ في الغيومِ يسيلُ من كفِّي . كأني في الغمامْ .

ترحلُ الريحُ أيضاً ، ويرحلُ عن شجرِ الساحةِ المطرُ الناعمُ  . الليلُ

لن ينتهي . هو لم يبدأ . الليلُ لن يبدأ . الليلُ حقٌّ  كما الموتُ حقٌّ . كما اللهُ.

أنت هو المترحلُ . أنت الذي لم يجدْ عبرَ كلِّ المفازاتِ  إلاّ مصاطبَ في قريةٍ.

وهي حجّتكَ اليومَ . قُلْ لي ، إذاً ، ما أوانُ الرحيلِ إلى الهاويةْ ؟

أتظلُّ تسألُ : هل أظلُّ ضجيعَها منذ انتصاف نهارِ هذا السبتِ

حتى مَوْهِنِ الأحدِ ؟ المدينةُ في ضواحيها ? كأنكَ صرتَ تجهلُ

أنّ ماريتا تحبّ السوقَ مكشوفاً ومؤتلقاً ، وتجهلُ أنّ ماريتا ستشوي

الجَدْيَ . ماريتا ستُحضرُ خُبزَها البيتيّ. فَلْتقرأْ على الأحدِ السلامْ

الستائرُ  شفّتْ ، وغامَ الزجاجُ . أنا الآنَ أُبصِرُ  في الداخلِ، المَشهدَ.

الغرفةُ ابتعدتْ عن تفاصيلها ؛ والأريكةُ صارتْ مَمَرّاً  ، وهذا البساطُ الذي

كنتُ أحسِبُ وِحداتِهِ  صارَ نهراً ، ولم تَعُدِ اللوحةُ  امرأةً  عاريةْ .

؟؟؟؟

بغتةً ? أسمعُ الخطوَ  !

هل جاءني من سيصحبني في طريقِ الظلامْ ؟