هل كان حزنا

سكتَ الكَلَام ..

و أينعت في القلبِ غُصَّتُه

يُوارِي من توارَى الضَّوءُ في دمِهِم

و غابُوا في متاهاتِ الزِّحَام..

سكتَ الكَلَام..

يا قلبُ لملم ما تناثرَ فيكَ من بلَّورِ نبضكَ

من شظايَا الصَّمت ينثرُها احتمالُ الموتِ

في شركِ المَلام…

قد كنتَ تنسجُ من خيوطِ الفجْرِ

سرًّا لانبلاجِ الصُّبحِ في دِيَم الحكايةِ

أنجماً تجتاحُ ليلكَ

غيمةً تهمِي على أرضٍ يخاصمُها المَطَر

قد كنتَ في كلِّ احتضارٍ

تلبسُ النور المطرَّز

ترتقي ثملاً إلى علياءِ موتكَ

تشتهي وهجَ البداية

هل جنونُ الموتِ يُنسي ما تعاظمَ من ألم …

و رسمتنِي

في لوحِكَ المحفُوظِ

سرًّا يقتفي أثرَ البَيَاض

و يشتهِي ما لم تقُلهُ المُفردَاتُ

و سلَّماً

حبلاً خُرافيَ التَّعلُّق بالغَمَام

و كتبتنِي لغةً تُطاولُ في بريقِ حروفِهَا

شُهبَ الذين تناثروا

مرُّوا على دِمن الحنين

و أمطرُوا

يا مُزنَهُم لا تسكبِ الحُزنَ المُعتَّق في كؤوسٍ من غَرَام …

لا تلتفتْ خلف السَّماء المُثقلة

الغيمُ أسودُ

و الهطولُ معلَّقٌ بين السُّكوتِ و بين أهوالِ الكلام…

يا من يباغثُهُ المَقام

لا تجترحْ حُجُباً تخبِّئ جوهرَ المَعْنَى

تُدثِّر بحرَهُ

مَزِقٌ شراعُكَ حين يُتعبكَ العُبُورُ

و لؤلئيٌّ قعرُه

لا تنتقد خجلَ الحَمَام

نزقٌ.. جسورٌ حين يحملكَ الجناحُ

ولؤلئيٌّ دمعُه

لا تقتلع قمرَ السماء

نَهِمٌ عُروجُكَ حين يجذبُكَ الضِّياءُ

و قرمزيٌّ نورُه

اتركْ ظلالَ الحزن تقبضُ شمسَه

ياحزنُ تورقُ في الضُّلوع

لنشربَ العنبَ المعتَّق في رُبَاكَ

و نسكَرُ

يا حزنُ تُسلمنا لنورٍ قد تجلَّى

حينَ أبرقَ

بل تدفَّقَ من لظاكَ

فنسهرُ

لا الليل ليلٌ

لا المرايا كسَّرتها خِلسة كفُّ الزَّمان

و لا المكانُ يُعيدُ تلقيحَ

الحَكَايا في غيومِ الأمنيات فنمطرُ

لا الجرحُ ينكؤه اللقاء

و لا الفراق يُذيبُ شمعاً أوقدتهُ

جدائلُ الذِّكرى و جمرُ المفردات

مرٌّ إذا أطبقتَ

و الدَّمعُ المُشِعُّ بقعر كأسكَ سكَّرُ…

يا حزنُ بحرُكَ غامضٌ متناقضٌ

الغوصُ فيه جحيمُ موتٍ منتهى

و نعيمُ ضوءٍ مشتهَى

ومُطهَّرُ…