خذ من الدهر لي نصيب

خُذ مِنَ الدَهرِ لي نَصيب

وَاِغتَنِم غَفلَةَ القَدَر

لَيسَ طولُ المَدى نَصيب

صَفوِ عَيشٍ بِلا كَدَر

فَاِجلُ لي كاعِباً عَروس

لَم تَرُعها يَدُ المِزاج

نَشرُها عَطَّرَ الكُؤوس

وَكَسا نورُها الزُجاج

في الضُحى تُشبِهُ الشُموس

وَهيَ تَحتَ الدُجى سِراج

فَاِرشِفِ الراحَ يا حَبيب

إِنَّ في ذاكَ مُعتَبَر

لِتَرى الشَمسَ إِذ يَغيب

نورُها في فَمِ القَمَر

في رِياضٍ بِها الشَقيق

قَد جَلا بَهجَةَ التَمام

وَزَها زَهرُها الأَنيق

إِذ بَكَت أَعيُنُ الغَمام

وَاِنثَنى غُصنُها الوَريق

فَشَدَت فَوقَهُ الحَمام

قامَ شَحرورُها خَطيب

راقِياً مِنبَرَ الشَجَر

كُلَّما ناحَ عَندَليب

نَقَّطَ الدَوحَ بِالزَهَر

قُم فَإِنّي أَرى الزَمان

مُحسِناً بَعدَما أَسا

قَد أَضا لَيلُهُ وَكان

صُبحُهُ يُشبِهُ المَسا

تاهَ مِن عُجبِهِ فَلان

صَعبُهُ بَعدَما قَسا

قَد بَدا عِزُّهُ المَهيب

وَبِمَنصورِهِ اِنتَصَر

وَرَأى فَتحَهُ القَريب

مِن أَبي الفَتحِ يُنتَظَر

مَلِكٌ أَضحَكَ السُيوف

فَبَكَت أَعيُنُ العِدى

جَدَعَت بيضُهُ الأُنوف

وَرَوَت كَفُّهُ الصَدى

صارِمٌ يُمطِرُ الحُتوف

وَيَدٌ تُمطِرُ النَدى

لَو دَعا عَزمُهُ النَجيب

لِقَضا اللَهِ وَالقَدَر

جاءَهُ طائِعاً مُجيب

سامِعاً ما بِهِ أَمَر

قَد حَمى رَبعُهُ الحُصون

فَهوَ لِلناسِ مُلتَجا

وَإِذا خابَتِ الظُنون

عِندَهُ يَصدُقُ الرَجا

المُنى فيهِ وَالمَنون

فَهوَ يُغشى وَيُرتَجى

حَبَّذا رَبعُهُ الخَصيب

فيهِ يَستَبشِرُ البَشَر

فاقَ في جودِهِ الخَصيب

وَسَمَت أَرضُهُ مُضَر

قَد عَلا مَجدُه فَكاد

هامَةَ المَجدِ يَرتَقي

وَلَهُ أَضحَتِ العِباد

بَينَ راجٍ وَمُتَّقي

باسِطُ العَدلِ في البِلاد

آلُ غازي بنَ أُرتُقِ

مَلِكٌ صَدرُهُ رَحيب

مِنهُ يُستَمطَرُ المَطَر

قَلبُهُ بِالنُهى قَليب

وَهوَ يَومَ الوَغى حَجَر

لَو رَأَينا يا اِبنَ الكِرام

مِثلَ عُلياكَ في الدُوَل

لَنَظَمنا مِنَ الكَلام

ضِعفَ ما نَظَمَ الأُوَل

دُرُّ لَفظٍ مِنَ النِظام

مُخجِلٌ سَبعَها الطُوَل

فَاِعتَبِر أَيُّها اللَبيب

هَذِهِ السَبعَةَ القِصَر

فيكُم لَفظُها يَطيب

لا بِمَعنى بِها ظَهَر