ومذ خيمت بالخضراء دارا

ومُذ خَيَّمتُ بِالخَضراءِ دَارا

وَزنتُ بِشِسعِ نَعلِي تَاجَ دارا

تَوَهَّمتُ السَّمَاءَ بِهَا مَحَلِّي

لأَنِّي لِلنُّجومِ أَقَمتُ جَارا

لإِخوَانٍ إِذَا فَكَّرتُ فِيهِم

رَأَيتُ كِبَارَ إخوَانِي صِغَارَا

كَأَنَّ اللَّهَ قَد سَبَكَ المَعَالِي

فَخَلَّصَ مَجدَهُم مِنهَا نُضَارَا

وَما قَالوا لها الخَضرَاءَ إِلا

لأَن كَانَت لأنجُمِهِم مَدَارَا

وَمَنزِلُنَا بِأَزرَقَ كَوثرِيٍّ

بِمَنزِل أَزرَقٍ مَا إِن يُجَارَا

لَبِسنَا لِلغَدِيرِ بِهِ دُرُوعاً

وَجَرَّدنَا جَدَاوِلَهُ شِفَارَا

بِيَومٍ لَو رَمَى الكُسَعِي فِيهِ

رَأى مِن قَوسِهِ سرّاً تَوَارَى

وَرَوضٍ رَاقَ مَنظَرُهُ وَإِلا

فَلِم خَلَعَ الحَمامُ بِهِ العِذارا

وَقَامَ عَلَى مَنَابِرِهِ خَطِيباً

فَحَرَّكَ لِلغُصونِ بِهِ حُوَارَا

وَطارَحَهَا فَأَصغَت سَامِعَاتٍ

وَهَزَّت مِن مَعَاطِفِهَا حَيَارَى

فَإن مَرَّ النَّسِيمُ بِهِ عَلِيلاً

تَكَلَّفَتِ القِيَامَ لَهُ سُكَارَى

وَطَودٍ لَو تُزاحِمُ مَنكِبَاهُ

نِظَامَ النَّجمِ لانتَثَرَ انتِثَارَا

سَمَا فَتَشَوَّقَت زهرُ الدَّرَارِي

إِلَيهِ فَنَكَّسَ الرَّأسَ احتِقَارَا

وَقَد شَمَخَ الوَقَارُ بِهِ وَلَكِن

وَقَارُ ذَوِيهِ عَلَّمَهُ الوَقَارَا

أَولائِكَ مَعشَرٌ قَهَرُوا الليَالِي

وَرَدُّوهَا لِحُكمِهِم اضطِرَارَا

وَقَامَ بِعبءِ مَجدِهِمُ اضطِلاعاً

فَأَنجَدَ فِي العَلاءِ كَمَا أَغَارَا

أَبو عَمرو بنِ حَسُّون الَّذِي لا

تَشُقُّ النِّيِّرَاتُ لَهُ غُبَارَا

فَتىً فِي السِّنِّ كَهلٌ فِي المَعَالِي

صَغِيرٌ زَيَّفَ النَّاسَ الكِبَارَا

وَلا عَجَب بِسُؤدَدِهِ صَغِيراً

فَإِنَّ الخَيلَ أَنجَبَتِ المِهَارَا

وَإِنَّ السَّهمَ وَهوَ أَدَقُّ شَيءٍ

يَفُوتُ الرُّمحَ سَبقاً وَابتِدَارَا