أرسل سلامك في الانام محمد

أرسل سلامك في الانام محمدُ

عظمت مآثمهم وعزّ المرشدُ

عادوا كأنك لم تكن نورَ الهدى

للعالمين ولم يحن لك موعَد

وغدوا وروح الجاهلية روحهم

في كل أرض يزدهي ويعربد

الجاهلية بعض جهل زمانهم

والكفُر بعض خلاقة المتوطد

جحدوا جلال الناصريّ وانه

من انعم الله التي لا تجحد

وتوغّلوا في الغي حتى ارجفوا

في ما وعدت به وفي ما تقصد

نصبوا من العقل الضرير منائراً

وجعلوه رباً يستثاب ويُعبد

فهُمُ لأنفسهم هياكلُ ردة

هوجاء تُصدرُ للشقاء وتُورد

فاللاتُ ما حسبو وعُزىّ ما بغوا

الله اكبر أين فأسك تحصد

الله من ليل تفرّد حسهُ

وقف الزمان به ورد الفربد

دنت السماء كأن سرّ وجودها

في الأرض همّت تجتليه وترصد

وتنادت الأضواء لم يُحلم بها

اصفى وهام فلا يشام الاثمد

وتساءلت عما بها الاشياء

وانتبهت وامرعَ حسُّها المتجمد

وسرى الحبُور فليس غيرُ حشاشة

ترجو وتغرق في البهاء وتحمد

غُلِبتَ نواميسُ الطبيعة واغتدت

طوع المهيب بها تقوم وتقعد

ماذا أمن عجب وهذا ليله

هذا المخاض به وهذا المولد

والطفل كفٌ في التراب تسومه

خسفاً وعين في الجواء تُصعّدُ

والكون يهتف بالوليد ويزدهي

ويطيب اعراقاً به ويمجّد

يا مرسلاً ما أنت غير محبة

وعبارة لمحبة لا تنفد

هذا الكتاب وكل قولٍ قوله

فيه وهذاك البيان المفرد

من كان يحفظه ويتلو آية

لولاك أو يشدو به ويجوّد

أنا إن غلوت تشاوفا بك فاتئد

ما أنت دياني ولا أنا ملحد

أدركتَ جوهر وحدة فتنزّهت

وصفت وأشرق سرهاً المتوقد

وبثثتها في الناس منحة خالق

تهديهِمِ وتعزذهم وتخلّد

وعلى اسمها اجتمعت قبائل أمة

عقدت خناصرها عليك وتعقد

كانت وهل كانت وجئت فاصبحت

سمع الزمان بها يضجّ ويرعد

وَلَوَ انها سمعت نداءك كله

لاستعربت آزالة والسرمد

وحدّت حتى كل أهل برية

بالله اخوان وبالتقوى يد

وحدذت فالإنسان كنه واحد

وانا وكوني عيسوياً اشهد

وشرعت حتى ليس بعد شريعة

إلا وأنت معينها والمورد

وأقمتَ دولتهم لها سعة المدى

في الأرض يرحب ما يضيق ويبعد

هي دولة حَبك السماء نظامها

أمن الضعيف بها ولان السيد

شرعٌ لديها الناس لا مستكبر

عات ولا متحكمون وأعبد

والحب يستقضي العلائق بينهم

لا صارم صافي الحسام مهنّد

إنا لنذكر والبلاء مخيّم

في جيرة الاقصى يصول ويوعد

والحقد تعتور التراب سمومه

فيجفّ عرق الخصب فيه ويجمد

والأرض نهب الناهبين تودّ لو

عدم يُلم بها ويَنساها غد

والموت تعصف بالنفوس اكفه

وتذل آمال الرجال وتخمد

لهفي وما لهفي وتلك جموعهم

موتى من الاحياء لمّا يلحدوا

نثروا على حد السيوف ومن نجوا

نهشوا بانياب الشقاء وشرّدوا

يستصرخون الكون وهو مظالمٌ

ويد مضرّجة وعقل موصد

سيان في البلوى هناك وفي الأسى

لا اسم المسيح ولا اسم احمد ينجد

يا مرسلاً طيراً ابابيلَ انتصف

للخير كاد اجل شأنك يفقد

أين الحجارة تلك ان سيولها

الهطلات تعمي من تصيب وتقعد

ارسل فمن لم يهده النور العلى

أشفاه منهمراً عليه الجلمد

ارسل سلامك في الأنام محمد

عظمت مآثمهم وعزّ المرشد