صبوت إلى الآداب قبل فطامي

صَبَوتُ إِلى الآداب قَبل فطامي

وَهمتُ بِها حَتّى بَلغت مَرامي

فَكَم مِن فَريد في المَليح اِقترحتُه

عَلى فكرَتي في يَقظة وَمَنام

وَكَم مِن قَصيد في المَديح اِبتدعتُه

بِأَبدَع لَفظ وَاِنسِجام كَلام

وَما لي بإِحياء الهجا قَطُّ عادة

وَلا حدّثتني همتي بخصام

وَإِنّ غبيّ الذهن عرّض نَفسَه

لِهذا البَلا مِن جَهله بِمَقامي

فَأَنكرني وَالفَضل يعرف وَطأتي

وَحَسبي شَهيداً في العُلوم غَرامي

وَقَد ظَن أَني بِالكِتابة جاهلٌ

وَنجمي في الإنشا كَبَدرِ تَمام

فَإِن كانَ لِلتَحرير أَصبَح ناظِراً

فَقَد أَورَث التَحريرُ كُلَّ تعامي

فَما صادِراً يَدري وَلا وارِداً لَهُ

بِهِ خبرةٌ سل عَنهُ أَيّ غلام

وَما هُوَ إِلّا في الغَباوة

وَلِلسوء يَسعى سَعيه لِطَعام

وَيَقتحم الأَهوال في فعل رَيبة

بِضوء نهار أَو بجنح ظَلام

وَيَطغى إِذا اِستَغنى وَكَم مِن صَنيعة

أَضاع وَلَم يَسمَح بردّ سَلام

وَلما اِعتَدى في السَبت جوزي بمسخة

عَلى مَسخة مِن بَعد دق عظام

وَبالغ في الإضرار بِالناس فَاِنتَهى

بِهِ أَمرُه لِلطَرد أَوّل عام

فَما صانَ وَجهاً كَالكِرام لِأَنَّهُ

لَئيمٌ مهين مِن نتاج لئام

وَقَد كانَ عِندَ العَزل يُرسل دَمعَه

عَلى أَرض خدّيه كقطر غمام

وَما كانَ هَذا النوح مِنهُ تَأسُّفاً

على نعمة زالَت وَأَكل حَرام

وَلَكن لِبعد واِحتجاب عَن الأَذى

وَعَن مَنع إِحسان وَنَقض ذمام

وَكُنا اِستَرَحنا مِنهُ يَوماً وَلَيلة

وَقُلنا سَقاه اللَه كَأس حمام

فَعادَ عَلى الأَعقاب بِالمكر والدَّها

وَجرّد لِلأَضرار كُلَّ حسام

وَأَقسم لا يَنفك عَن أَكل رمة

وَلَو مزقت أَعضاؤه بِسهام

وَأَن لا يَرى في داره وَهوَ موسرٌ

سِوى جائع بَينَ العِيال وَظامي

وَأَن لا يصلّي مطلقاً وَهوَ طاهر

وَأَن لا يؤدّي عَنهُ فَرض صيام

وَأَن لا يحج البيت إِلّا إِذا اِرتَشى

بِمال يَتيم أَوبوقف إِمام

أَلم يَخشَ يَوم الدين إِن كانَ آخِذاً

عَلى زَعمه مِن دَهره بِزمام

فَتباً لَهُ مِن مُجرم ضاع عُمره

هَباء وَلَم يَعمل لِحُسن خِتام