طاب لي الأنس والصفا بفريد

طابَ لي الأنس وَالصَفا بِفَريدِ

فَاسمحي لي وَرقاءُ بِالتَغريدِ

وَاِنعشي وَالهاً كَثير هيامٍ

لا يُبالي بِعاذل وَحَسود

لَست أَسلو الهَوى وَإِن بِتُ أَرعى

طُول لَيلي النُجومَ بِالتَسهيد

أَو تَسترت فيهِ حَتّى كَأني

راهبٌ لا يَرى وِصالَ الغيد

وَاتبعت المَلام وَهوَ حَرامٌ

في اِعتِقادي فَصدّني عَن مريد

وَتَظاهرت بِالمَلام وَإِن كُن

تُ بَريئاً في رَأي ذي تَفنيد

حَيث لِلحب قَد تعرّض مَن لَم

يَدرِ فيهِ ما لذة التَوحيد

وَترقبت فُرصة مِن زَمان

طالَما عاقَني عَن المَقصود

وَلحزمي صبرت صَبر مُحبّ

حاصرت حصنَه جُيوشُ الصُدود

وَتَحمّلت في الهَوى كُل ضَيم

مِن أَلدٍّ مُقاطعٍ وَجَحود

راجياً نصرتي عَلَيهِ بِعَدل

مِن رَفيع الذُرى سَعيد الوُجود

أَوحد الدَهر شبل لَيث كَريم

كانَ فينا بِالبرّ خَير عَميد

فَلَقَد جدّد العُلوم بِمصر

فَتَباهَت بِذَلِكَ التَجديد

فَاِستَحَقَّ الثَنا بِكُل لِسانٍ

وَتنوسي بِهِ زَمانُ الرَشيد

وَتَولى أُمورنا اليَوم صَدرٌ

مِن بَنيه فسرّ كُلُّ العَبيد

بِنَوال وَحكمة وَبَيان

وَبَديع وَمَنطق مَحمود

وَاِهتِمام وَهمة أَيقظتنا

مِن نُعاس وَسكرة وَخُمود

فَهُوَ صَدر حَوى بَديع صِفات

هامَ فيها السُلطان عَبد المَجيد

وَبَدا بَيننا بِوَجه بَشوشٍ

فَذكرنا الصَفا وَطيب العُهود

وَبِهِ فَرّج المُهيمن عَنا

كُلَّ كَرب وَشدّة وَوَعيد

وَاِنجَلَت ظُلمة الغَياهب لَمّا

بَزغت شَمسه بِأُفق السُعود

وَتَجلت في مَوكب الحَجِّ مِنهُ

طَلعة السَعد في سَماء الجُنود

فَتحلّت مَصرٌ بِهِ وَتَباهَت

وَتَوالى عيد بِها بَعد عيد

وَحَباها بِاليُسر مِن بَعد عُسرٍ

بِاهتِمام يَبدو بِرأيٍ سَديد

وَمَساع سَعيدة لِعُلوم

وَفُنون جلّت عَن التَقييد

فَتهنأ بِدَولة بِكَ عزت

وَاستَظَلَت بِظلك المَمدود

وَاقبل العذر يا مَليك فإني

عاجز في المَديح غَير مُجيد

غَير أَني لَمّا مَدحتك أَضحى

فيك شعري يزري بشعر لَبيد

وَتَعمدت معشراً أَنتَ مِنهُم

بامتِداحي لَهُم وَنَظم عُقود

وَزَماني لَما صَفا قال أَرّخ

نَجم مَصر رقى بِعَصر السَعيد