يا رب قد عجز الطبيب الآسي

يا رَب قَد عَجز الطَبيب الآسي

عَن علة هدمت رَصينَ أَساسي

أَنا عَبد إِحسان ضَعيف ما لهُ

جلَدُ الصَبور عَلى اِمتِحان قاسي

يا رَب قَد عَزَّ الدوا واستعضل ال

داءُ الَّذي أَوهى قويَّ مراسي

إِنلَقَد أَضرّ بِمَسِّه

حَلقي وَضيع فكرَتي وَحَواسي

وَهُوَ الَّذي نَشر الجُروح بِداخل

وَنَزيفُها أَضحى بِلا مِقياس

وَبجهله قَتلوَساقه

مِن دستإِلى الأَرماس

وَالطَرد كانَ لَهُ الجَزاء وَليتَهم

طَرَحوه حَياً في مُذابِ نُحاس

وَمِن العَجائب وَهوَ أَوّلُ مُجرمٍ

يَمتاز في نادي

لَكنهُ عَما قَليلٍ يَلتَقي

ما قَدّمت يُمناه دُونَ مُواسي

وَيَقول الشَقي

لا تَضرب الأَخماس في الأَسداس

وَاصبر عَلى نُوَبِ الزَمان فَلَوعَتي

وَهيَ العقوق تَدوم مَع إِفلاس

حَتّى أَموت وَبِالجَحيم يَقودني

عَمل بِهِ سوّدت لي قُرطاسي

جاءَ فَما أَفاد علاجُه

شَيئاً فَغابَ بِقدّه المَيّاس

وَاليُودُ سلَّطهُ عَلى عنقي عَلى

جَهلٍ فَأَحرَقَني بِشدّة باس

وَبَدا عَلى عُنقي بِأَقرب مدّةٍ

وَرمٌ كخُرّاجٍ بِقدْرِ الراس

منع التَنفُّسَ وَالرقاد وَقَد غَدا

مِن فَوق صَدري مثل طود راسي

فَتأهبت نَفسي إِلى سَفرٍ بِهِ

أَلقى شِفائي في جِنان الآس

وَأُفارق الدُنيا بِلا أَسَف عَلى

أَيامها وَأَلذُّ بِاستئناس

وَأَعيش في دار البَقاء منعَّماً

بِجِوار أَبرارٍ بِها أَكياس

وَأَقول مِن فَرح بِما قَد نلته

يا لَيت قَومي يَعلَمون وَناسي

وَزعمتُ أَني راحلٌ فتجهزت

يَوم الوَداع لرحلَتي أَفراسي

لَكن إِلَه العَرش سَخَّر لي فَتىً

مِنهُ يَفرّ الداء دُون مَساس

هُوَ أَحمَد بِنُ محمدٍ مَن ذكرُهُ

يَبقى مَدى الدُنيا بِغَير تَناسي

فَتبدّد الخرَّاج بِالبزل الَّذي

ردّ الحَياة لِميت الإِيجاس

نعم الرَئيس اِبن الرَئيس أَخو الذَكا

حَمدي أَميري رافع الوَسواس

وَرث العُلوم جَميعَها عَن والد

مِنهُ تعلم سائرَ الأَجناس

ذاكَ الشَهيد بِدار أَحباشٍ سَطا

بِغياً عَليهم صاحبُ الحرّاس

فَعَلَيهِ رَحمة رَبه في جَنة

فيها الشَهيد عَلى الأَرائك كاسي

وَأَتَت عَجوزُ النحس بِالزَيت الَّذي

في الحَلق أَضرمَ شُعلةَ المقباس

وَقضت بِأَن الداء يذهب عَنوةً

مِن طليِها المَصحوب بِالأَخراس

فَدفعتها عَني وَقُلت أَرى الشَفا

في البُعد عَن شَمطا مِن الأَرجاس

وَاِبن الحُسين قَد استمرّ بهمة

فيها الرَجاءُ محالفٌ إِيناسي

وَهُوَ المهذب صهر أَفضلِ ناظرٍ

أَربى بِفطنته عَلى الجلاس

وَلَقد ذكرتك مرتين وَلَم أَحل

عَن ذكر مَن يُحيي هَشيم غراسي

وَنَما بِعنقي آخر في لَونه

وَصِفاته كَجَواهر الأَلماس

وَاِبن الحُسين سَطا عَلَيهِ بِمبضعٍ

قَد قَدّ مِنهُ مُعظم الأَحباس

فَاِنساب مِنهُ بِاندفاقٍ زائدٍ

قيحٌ وَقُطرانٌ كَما الرجّاس

لَكنهُ بَعد الثَلاثة قَد طَمى

بِمضرّ طَمْيٍ لاح كَالمتراس

فَتَكوّنت مِن بَعد ذَلِكَ غدّةٌ

هِيَ كَالحِجارة لَونُها نِبراسي

وَمَع المَراهم وَالضَمائد لَم تَزَل

تَزداد تَحجيراً بدون قِياس

وَكرهت أَن أَبقى بِأَقبَح غدة

مِن دُونِها مَوتي بِكُلِّ حَماس

فَطَلبت مِن

وَهُوَ السَفيه سلالة الأَدناس

فَأَتى بِحُقٍّ فيهِ سمٌّ قاتلٌ

متكفل بِالحَتف عند تماس

منه اشتريت الحُقَّ بالقدر الذي

أرضاه ممتثلاً وَطَرفي خاسي

وَهُناك لِلدَلْكِ العَنيف تجرّدت

مِنهُ يَمينٌ مِن حَديدِ الباس

فَتبدَّلت مِني البَشاشةُ بَغتةً

بِعَبوس شَيخ لِلفَناء يُقاسي

وَعَلمتُ أَني هالك فَصفعتُه

مِن غَير عافية بِنعلِ مَداسي

لَكنهُ غنَّى وَقال مُهَينِماً

كاسي مِن الدِنِّ اِحتساه الحاسي

وَتجسم الخرّاجُ في عُنقي وَقَد

أَضحى يُحاكي لحيةَ التيّاس

فَابن الحسين المُرتَجى لملمة

بِالبَزل فكَّ مُوَتَّرَ الأَقواس

وَالقيح وَالقطران قَد خَرجا مِعاً

بِسُهولة مِن داخل الأَكياس

عشراً وَعشراً ثُمَّ خَمساً قَد جَرى

سَهمُ الفَتيل إِلى قصيّ حداس

وَالأَمر أَعياني فَقُلت لِخادِمي

فوزي بِفَوزي صاحب البُرجاس

جرّاح مَصر وَحبرها وَطبيبها

محيي بفطنته ذَكاء إِياس

لَما أَتى عِندي وَعاين حالَتي

وَاِهتمّ في الإنقاذ مِن اِنباس

كتب الدَواء وَشَخَّص الداء الَّذي

عَنهُ تعامَت زمرة

يا رَب قَد عَجز الجَميع فَداوني

مِما يُدكدكُ شامِخات رَواسي

يا رَب هَذا الداء أَحجم بي عَن ال

إقدام مُنفَرِداً عَلى الجَوّاس

يا رَب هَذا الداء أَوهى قوّتي

وَتبدّل الإكثار بِالإخفاس

يا رَب إِن لَم تَشفني مَن يَشفِني

مِن علة مَنشورة البُرطاس

يا رَب قَد طالَت لَيالي علَّةٍ

نَزلت بشدّتها عَلى درناس

يا رَب قَد شمت العدوّ وَما دَرى

أَنّ الشَماتة شَأن كُلِّ دقاس

يا رَب نفّس بِالعَوافي كربَتي

وَابعث إِلى جفني لَذيذ دُكاس

يا رَب أَوصالي عُراها قَد غَدَت

مَفكوكةً مِن بَعضِها بدِياس

يا رَب يَكفي ما لَقيت مِن العَيا

وَامنن عَليّ مِن الشفا بدِخاس

يا رَب قَد ضاقَت بِما رَحبت عَلى

نَفسي جِبالٌ في خِلال دهاس

يا رَب ما نَفعت رقىً في مدنفٍ

بِالبَهنَسا الغرّا وَلا أهناس

يا رَب ما نجع العِلاج وَلا هَوا

بوشٍ وَلا قوصٍ وَلا أَبناسِ

يا رَب مالي في الخلاص وَسيلة

إِلا نبيك طَيِّب الأَنفاس

يا مُصطفى إِن لم تَكُن لي شافِعاً

في هَول داء حار فيهِ نطاسي

مَن فيهِ يَشفَع لي سِواك وَإِنَّهُ

صَعب العِلاج وَأَنتَ أَنتَ الآسي

يا أَفضل الثقلين يا خَير الوَرى

كادَ العَيا يَقضي بِقَطع سَياسي

وَعرى جَميع العَظم من لحمٍ بِهِ

جسم الخَلى مِن كُل ضرّ كاسي