رقرقت فيك ملاحني وغنائي

رقرقت فيك ملاحني وغنائي

يا عيد رغم تكاثر الأرزاء

ولمن أغنى إن لقيتك صامتا

ومراكب الألحان ملء سمائي

أشرق على وجه الليالي كوكبا

ضافى الجلال معطّر الأضواء

وأفض على جدب الحياة صبابة

من كاسك الروحيّة الصهباء

يا عيد يا أمل السماء إذا دجت

بالحادثات مواسم الغبراء

تجرى الحياة بليلها ونهارها

ولك المكان الفرد في الآناء

ملء الحمى باكون طال حنينهم

للفرحة النشوانة العذراء

يستنبتون الصخر لا يرثى لهم

قلب وآخر سعيهم لهباء

فانفح بمائك قفرهم واسنج لهم

من نورك المسحور ثوب هناء

واطرق على الكوخ المحطّم بابه

ضيفاً على سكّانه التعساء

يا واهب النعماء كم من أكيد

في الأرض ظامئة إلى النعماء

قل للأُلى ذهب الغنى بعقولهم

فنسوا ضحايا الدهر والبأساء

لا تجعلوا يومى على علّاته

حربا على الأيتام والفقراء

الأرض دونك فامض في آفاقها

وامزج قريب فساحها بالنائي

وسل المدائن والقرى عن حالها

في زحمة الشهوات والأهواء

تنبئك ثرثرة القطيع بأنّه

ضاقت عليه منافذ الصحراء

الأرض ما زالت كعهدك مسرحا

للقصة الملعونة الشوهاء

والناس قابيل وهابيل وما

من آدم فيهم ولا حوّاء

موسى لديهم كاذب ومخادع

والسامريّ مصدّق الأنباء

يتهافتون على الحطام وربّما

شربوا السموم ليظفروا بدواء

ويمجدون السلم وهو وسلية

في شرع أحكمهم إلى الهيجاء

شعب يعيش على دماء ممالك

وممالك تحيا بغير دماء

ومقاصِرٌ للعدل شامخة الذرا

الظلم فيها سيد الزعماء

ميزانها المخبول وجه منافق

وبناؤُها من أعظم الضعفاء

المدفع الجبار فصل قضائهم

والهدم غايتهم من الإنشاء

إن يحكموا فالشاة ذئب وادع

والذئب إن عدلوا صريع الشاء

في كل واد للسلام مآتم

مجنونة تبكي على العقلاء

الكون فيها والحياة رهينة

بالوثبة الذريّة الحمقاء

الأرض دونك فامض في آفاقها

حتى تمل بها من الإعياء

فإذا تعبت فألق حملك واسترح

في الشرق وامدد أطول الثؤباء

فهنا الكسالى الفاشلون تحوطهم

نوب الزمان السود بالظلماء

يقفون والفلك المحرك دائر

ماض مضيّ البارق العدّاء

سكروا بأوهام الحياة وأسلموا

سفن المنى لمصارع الأنواء

وتنكّروا للمجد وهو أمانة

ورثوا مفاخرها عن الآباء

أني نظرت فثمّ شعبٌ ضائعٌ

عفن الحياة ممزّق الأشلاء

أذنابهم في العقد مثل رءوسهم

رغم اختلاف القدر والسيماء

يتقاسمون الذلّ لقمة سائل

عجزت طبيعته عن الإعطاء

الدين فيهم سبّة ومعرّة

يمشي العزيز به على استحياء

والكفر فلسفة يهيم بحبها

من شاء أن يدعى مع الحكماء

أمَمٌ على الماضي تطيل بكاءها

وتنام عن مستقبل وضاء

رمم يعاف الدود ريح طعامها

وتعد رغم الموت في الأحياء

يا عيد يا ضيف الزمان أسامعٌ

أم لست تسمع دعوتي وندائي

ما زال قومي يحسبونك مثلم

غراًّ تهيم بزخرف وطلاء

لبسوا لك الثوب الجديد وتحته

أجسام عبدان الهوى أسراء

لبسوا لك الثوب الجديد فقل لهم

العيد عيد القلب لا الأزياء

واقرأ عليهم قصّةَ المجد الذي

شادت دعائمه يدُ القدماء

مجد العروبة والخلود بذكره

ثمل الفؤاد منوّر الأرجاء

واشرح لهم معنى الحياة وقل لهم

المجد للحريّة الحمراء

واملأ مسامعهم بصيحة شاعر

فتحت يداه الخلد للشعراء

تالله ما دون الجلاء ويومه

عيد نكون به من السعداء