رحلة العقل

سافَرت في التيهِ أحلامي وضاعت فيه نفسي..

وتداعت مع ذيول الليل أفلاكي وشمسي..

أيُّهذا العقلُ ما تعرفُ من يومي وأمسي..؟

أتُرى أنت حبيسٌ فيَّ..

أم يا عقلُ حبسي..؟

***

ما تُرى يا عقلُ أفكاري التي تُولد فيكَ..

أطيوفٌ من صنيعي.. أم تُرى خلقُ يديكَ..؟

أأنا الساكن فيها..؟

أم أنا من يحتويكَ..؟

أم أنا ظلٌّ لأفكاري.. وفيها ظلُّ نفسي..

***

أنا لا أعرف من دونكَ يا عقلُ الطريقْ..

أنت موجٌ سرمديٌ..

وأنا فيهِ غريقْ..

أوَفي القبر ستبقى –بعد أن أفنى الرفيقْ؟

أم ستمسي فكرةً هائمةً في كل نفسِ؟

***

أنت ظلٌّ أبديٌّ منذ أن كنا صغارْ..؟

فلماذا لم يكن لي فيكَ رأيٌ أو خيارْ!

وأنا السائر بحثاً عن بصيصٍ من نهارْ..

طُفت بالكون ولكن لم أفتّش قفرَ نفسي..

***

ومضت تسحقني الأفكار.. والليل طويل..

أنا لا أعرف ما أنت.. قبيحٌ أم جميل..

أنا لا أعرف ما أنت.. قصيرٌ أم طويل..

فمتى سوف أرى ما أنت يا عقلُ بنفسي..!

***

إنني في التيه لا ألوي على شئٍ هنا..

أنا أفكاري.. أم الأفكارُ نفسي.. أم أنا؟

أم تُرانا قد تمازجنا فصرنا بدنا..؟

فإذا ضِقتُ بنفسي.. كيف لا أقتل نفسي!

***

كيف لا تحملني في الليل آلاف المراكبْ..؟

وأنا أصنعُ في عقلي نجوماً وكواكبْ..

ونساءً ووحوشاً وخيالاً وغرائبْ..

أتُراها وُجدت أم كلّها من خلقِ نفسي؟

***

أيُّهذا العقلُ هل أنت وعاءٌ من عجين؟

هل من النار تكوَّنت أمِ النورِ المبين؟

أبِك الدنيا انطوت في لجَّة البحر المتين؟

أم ترى الدنيا وما تحويهِ محضُ حديثِ نفسٍ؟

***

أيُّهذا العقلُ قل لي: لمَ روحي حائرة..

لمَ لا أدري إلى أين طيوفي سائرة..

أنا في البحر ولا زورق لي أو باخرة..

أيُّهذا العقلُ أخبِرني..

متى أعرف نفسي..؟