عرافة الجان

وحيدٌ دونكِ القمرُ..

كئيبٌ بعدكِ المطرُ..

وليلٌ يا معذبتي..

تطوّقني بهِ الصورُ..

ألا تدرين ما خط اليمامُ بِبِيدنا ومحى؟

ألا تدرين ما غنَّت..

لنا النَّايات ذات ضحى؟

ألا تدرين ما قرأَت لنا عرَّافة الجانِ..؟

ألا تدرين ما وجدَت لنا..

في قعر فنجاني..؟

أما قالت لنا عرّافة الجانِ..

بأنّا قد خُلقنا يا معذِّبتي رفيقانِ..

فلا بعدٌ ولا سفرُ..

ولا ليلٌ ولا سهرُ..

ولا ميناء نرسو فيه إلا سوف يجمعنا..

ولا غيمٌ سيَستُرنا..

ولا منجى..

هو القدرُ..

***

أولم أشاهد ضوئكِ المنساب..

في عودِ القصب..؟

لم تلحظي ظلاً تدلَّى ذات يومٍ..

مع غصينات الرَّطَب؟

إنِّي أنا..

من كان يرقب خصرك الميَّاسَ..

من فوق السحب..

إني أنا..

من شد جفنك ذات صبحٍ فانسكب..

أنا كنت أجثو فوق صدركِ..

فوق أكوام السنابل والعنب..

وأنا الذي لا تعرفين بأنه من ألف عامٍ..

من قبيلته هرب..

وأوى إلى ظل الهدب..

يا للعجب..!

***

يا زهرة الأيام طيبي إنني في الصبح راحل..

فغداً أوضّب كل أحلامي وألحقُ بالقوافل..

وغداً سأجمع من خيوط الصبح ما يكفي..

وأقطف من مدى النسيان..

ألف سحابةٍ تدمع..

وألف حمامةٍ تسجع..

وأتلو سورة الأحزان من نزفي..

لأنسج باكراً حتفي..!

ألا يا غصنة البانِ..

سلي عرّافة الجانِ..

فكل الكون يشهد أننا أبداً حبيبانِ..

وأن الحب مكتوبٌ علينا..

وليس مع الأحبة من خيارِ..

وأني سائر من غير نجمٍ..

لأُصلي حبكِ الوحشي ناري..!